فَأَتْبَاعُ الرُّسُلِ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ
ذَلِكَ بِحَسَبِ مِيرَاثِهِمْ مِنْ طَاعَتِهِمْ وَمُتَابَعَتِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ
خَالَفَهُمْ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ ذَلِكَ بِحَسَبِ مُخَالَفَتِهِمْ
وَمَعْصِيَتِهِمْ.
****
الشرح
اللهُ جل وعلا يقولُ: { يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا
وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ} [الحجرات: 13] ؛
فالكَرَم عندَ اللهِ ليس هو بالنَّسَب وإنما هو بالتقوَى، فالإنسَان مُكرَم عندَ
اللهِ إذا كان تَقِيًّا ولو كانَ نسبُه ليس مُرتفعًا بينَ الناسِ، وأما إذا كانَ رفيعَ
النَّسَب لكِنه لا يتَّقي اللهَ عز وجل فهو وضيعٌ عندَ اللهِ.
وانظُر إلى بِلاَلٍ رضي الله
عنه كانَ عبدًا حبشيًّا، وانظُر إلى أبي جَهْلٍ وهو عَربيٌّ مَخزُومِيٌّ من كِبار
قَبائل العَرَب، وأشَدّ من هذا انظُر إلى أبي لَهَبٍ عَمّ الرسُول صلى الله عليه
وسلم القُرَشِيّ الهَاشِمِيّ، ومع هذا فرقٌ بينه وبينَ بِلالٍ كَبير جدًّا: أبو
جَهْل وأبو لَهَب لم يَنفعهما نَسَبهما، وبِلال لم يَضُرّه نَسَبه؛ فالنظرُ عِند
اللهِ ليسَ إلى الأنسابِ {فَإِذَا نُفِخَ فِي ٱلصُّورِ
فَلَآ أَنسَابَ بَيۡنَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ وَلَا يَتَسَآءَلُونَ} [المؤمنون: 101] .
فلا ينفعُ الإنسانَ شيءٌ إلا
عَمله فَقط: إن كَان معَه عَملٌ صَالح فهو قَريب مِن اللهِ، وإن لم يكُن معه عَملٌ
صَالح فهو بَعيدٌ من اللهِ.
وقوله: «وَهُوَ لِسَانُ الصِّدْقِ الَّذِي سَأَلَهُ
إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ» لِسان الصِّدق: هو الذِّكر الحَسَن، فالإنسَان
يُذكَر عِند الناسِ إما بخيرٍ، وإما بشَرٍّ.
***
الصفحة 2 / 436