ذكرَ رحمه الله أن الذنوبَ لا بُدَّ أن تَضُرّ،
وضَررها على قِسمين:
الأول: ضررُ القلوبِ، وهذا
أشدّ؛ لأنها تُؤثِّر في القُلوب بالنِّفاق والقَسْوَة والغَفْلَة، وقد يَكفُر
الإنسانُ بسببِها، فيَفسد قلبُه نهائيًّا بسببِ الذنوبِ.
والثاني: ضررٌ في الأبدانِ
والأموالِ، فما يقعُ في الأرضِ مِن مُصيبة، ونَقص في الأموالِ، ونَقص في
الأَنْفُس، وانحباسِ الأمطارِ وقِلَّة المِيَاه، وفَساد الثِّمَار، إلا بسببِ
الذنوبِ والمَعاصي، والدليلُ على ذلكَ أن اللهَ أهلكَ الأُمَم السابقَة بسببِ
الذنوبِ.
قالَ اللهُ تبارك وتعالى : {ظَهَرَ ٱلۡفَسَادُ
فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي
عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} [الروم: 41] .
وقالَ عز وجل في الآيةِ
الأُخْرَى: { وَمَآ
أَصَٰبَكُم مِّن مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ} [الشورى: 30] .
وقالَ سبحانه وتعالى : { مَّآ
أَصَابَكَ مِنۡ حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن
نَّفۡسِكَۚ} [النساء: 79] ، أي:
بسببِ نَفسك.
قوله: «فَمَا الَّذِي أَخْرَجَ الأَْبَوَيْنِ مِنَ
الْجَنَّةِ»، الذِي أخرجَهما ذنبٌ واحدٌ: لما نَهاهُما اللهُ عن الأكلِ منَ
الشجرةِ أَغْوَاهم الشيطانُ فأكلاَ منها، فأخرجَهما من الجنةِ، ثم تابَا إلى اللهِ
فغفرَ اللهُ لهما، ولكنه أخرجَهما من الجنةِ بسببِ هذا الذَّنْبِ.
وقوله: «وَمَا الَّذِي أَخْرَجَ إِبْلِيسَ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ»، كان إبليسُ مع المَلائكة من العبادِ في السماءِ، فلما أمرَ اللهُ المَلائكة بالسجودِ لآدمَ حسدَه وامتنعَ من السُّجود، وعصَى اللهَ، فطردَه اللهُ ولعنَه وأبعدَه وأهبطَه إلى الأرضِ، وجعلَ الذِّلَّةَ والصَّغَار عليه بسببِ أنه لم يَمتثِل أمرَه عز وجل .