وقوله صلى الله عليه
وسلم : «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ
يَغْضَبْ عَلَيْهِ» يدُل على أن الدعَاء واجبٌ؛ لأن الغضبَ يدُل على أنه تركَ
أمرًا واجبًا، وقد قالَ الله عز وجل : {ٱدۡعُونِيٓ أَسۡتَجِبۡ لَكُمۡۚ} [غافر: 60] ، هذا
أمرٌ، والأمرُ يُفِيد الوجُوب، وقالَ جل وعلا : {ٱدۡعُواْ رَبَّكُمۡ
تَضَرُّعٗا وَخُفۡيَةًۚ} [الأعراف: 55] هذا أمرٌ.
وقالَ صلى الله عليه وسلم : «لاَ تَعْجِزُوا فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ
لاَ يَهْلِكُ مَعَ الدُّعَاءِ أَحَدٌ»، فإذا تسلَّح المسلمُ بالدعَاء فإن
اللهَ يَنفعه، وإذا غَفل عنه فإنه يتعرَّض للابتلاءِ والامتحانِ. وقالَ أيضًا: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي
الدُّعَاءِ»، يعني: المُكثِرين، وهذا دليلٌ على مَشروعية الإكثارِ من الدعَاء.
فإذا وقعَ الإنسانُ في
الخَطَر الشديدِ فإنه يتسلَّح بالدعَاء، مِثل الإنسَان إذا وقعَ في البَحر، فإنه
يُكثر من الدعَاء، حَتى المُشرِكون إذا أخذَهم المَوْج وأحاطتْ بهم الأمواجُ،
دَعَوا اللهَ مُخلِصين له الدينَ؛ لأنهم يَعلمون أنه ما يَنفع إلا دُعاء اللهِ
وحدَه، ويَنسون ما يَدعون مِن دونِ اللهِ، يَنسون أصنامَهم ومَعبوداتهم؛ لأنهم
يَعلمون أنه لا يُخلِّص من الشِّدَّة إلا اللهُ: {وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ
فِي ٱلۡبَحۡرِ ضَلَّ مَن تَدۡعُونَ إِلَّآ إِيَّاهُۖ فَلَمَّا نَجَّىٰكُمۡ إِلَى ٱلۡبَرِّ
أَعۡرَضۡتُمۡۚ} [الإسراء: 67] .
***
الصفحة 2 / 436