×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ الرَّازِيُّ: «عَجِبْتُ مِنْ ذِي عَقْلٍ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ لاَ تُشْمِتْ بِيَ الأَْعْدَاءَ، ثُمَّ هُوَ يُشْمِتُ بِنَفْسِهِ كُلَّ عَدُوٍّ لَهُ»، قِيلَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «يَعْصِي اللَّهَ فيَشْمَتُ بِهِ فِي الْقِيَامَةِ كُلُّ عَدُوٍّ» ([1]).

****

الشرح

قوله: «وَيَظُنُّ الْعَبْدُ أَنَّهُ لاَ يُغَبِّرُ بَعْدَ ذَلِكَ»؛ لأن اللهَ جل وعلا قد يُمهِل العَاصي، فيَظُنّ العَاصي أنه قد غفرَ له، وأن اللهَ لن يُعاجِله بالعُقوبة، وهذا من مَكْر اللهِ به، من أجلِ أن يزدادَ من الذُّنوب. وبعض الناسِ إذا ما نزلتْ به العُقوبة سَريعة يَتساهل في الذَّنب ويَقول: لو كان شيئاً مُهِمًّا لصارَ له عُقوبة، فاللهُ جل وعلا يُمهِل العَاصي، ثم يَأخذه على غِرَّةٍ.

فلا يَتساهل الإنسانُ بالذنبِ، ويَستبطئ العُقوبة، فإن العُقوبة قد تتأخَّر وتَصير أعظمَ مِما لو عُجِّلت، قالَ اللهُ جل وعلا : {يَوۡمَ يَبۡعَثُهُمُ ٱللَّهُ جَمِيعٗا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوٓاْۚ أَحۡصَىٰهُ ٱللَّهُ وَنَسُوهُۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدٌ} [المجادلة: 6] فاللهُ تبارك وتعالى يُحصِي عليهم أعمالَهم، ولكنهم نَسوها، فإذا نَسي العبدُ الذنبَ فإن اللهَ لا يَنساه.

قوله: «فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ غُبَارُ»، فالغُبار إنما يكُون وقتَ السُّقوط، أما إذا سقطَ يروحُ الغُبار.

وقوله: «لَتَجِدَنَّ غِبَّهَا بَعْدَ أَرْبَعِينَ سَنَةً»، وهذا في نَظْرة واحدةٍ إلى ما حرَّم اللهُ، فكيفَ بمن يُطِيل النظرَ إلى الحُرُمَات؟!

وقوله: «وهُوَ يُشْمِتُ بِنَفْسِهِ كُلَّ عَدُوٍّ» فرقٌ بين يُشَمِّت ويُشْمِت، يُشَمِّت يعني: يُشَمِّت العَاطس ويَقول له: يَرحمُك اللهُ، وأما يُشْمِت فمَعناها: أنه يُشنِّع عليه.

***


الشرح

([1])لم أقف عليه مسندًا.