يَا آمِنًا مِنْ قَبِيحِ الْفِعْلِ
مِنْهُ أَهَلْ |
|
أَتَاكَ تَوْقِيعُ أَمْنٍ أَنْتَ
تَمْلِكُهُ |
جَمَعْتَ شَيْئَيْنِ أَمْنًا
وَاتِّبَاعَ هَوًى |
|
هَذَا وَإِحْدَاهُمَا فِي الْمَرْءِ
تُهْلِكُهُ |
وَالْمُحْسِنُونَ عَلَى دَرْبِ
الْمَخَاوِفِ قَدْ |
|
سَارُوا وَذَلِكَ دَرْبٌ لَسْتَ
تَسْلُكُهُ |
فَرَّطْتَ فِي الزَّرْعِ وَقْتَ
الْبَذْرِ مِنْ سَفَهٍ |
|
فَكَيْفَ عِنْدَ حَصَادِ النَّاسِ
تُدْرِكُهُ |
هَذَا وَأَعْجَبُ شَيْءٍ مِنْكَ
زُهْدُكَ فِي |
|
دَارِ الْبَقَاءِ بِعَيْشٍ سَوْفَ
تَتْرُكُهُ |
مَنِ السَّفِيهُ إِذًا بِاللَّهِ
أَنْتَ أَمِ الْـ |
|
مَغْبُونُ فِي الْبَيْعِ غَبْنًا
سَوْفَ يُدْرِكُهُ |
****
الشرح
قوله: «فَقَالَ: شَاه رُخ، غَلَبْتُكَ»، يعني:
يلعبُ الشّطرَنج والنَّرد؛ فعِند المَوت غلبَ عليه ذلكَ، بَدَلَ أن يقولَ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»، صارَ يذكُر
اللعبةَ التِي كانَ يلعبُها.
وقوله: «يَا رُبَّ قَائِلَةٍ يَوْمًا وَقَدْ
تَعِبَتْ»، هذا مشغولٌ بالشهوَات ومُلاحقة النسَاء والنظرِ إليهنّ، فلم يَستطع
أن يقولَ: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»
عندَ المَوت، بل صَار يردِّد الشِّعر الغَزَليّ.
وقوله: «وَيَقُولُ: تَاتِنَا تِنِنْتَا»، هذا
مشغولٌ بالغِناء واللهوِ والطَّرَب، فعِند المَوت صَار يَهذي به؛ خُتِم له بما
كانَ دَيْدَنه في حَياته. أما المُؤمنون الذينَ أَمْضوا أعمارَهم في طاعةِ اللهِ،
فهَؤلاء يثبِّتهم اللهُ جل وعلا : { بِٱلۡقَوۡلِ ٱلثَّابِتِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ
ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ } [إِبْرَاهِيمَ: 27] ، فيثبِّتهم عندَ الوَفاةِ بأن
يَقولوا: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ»،
وبالقَول الثابتِ في القَبر عندَ سُؤال المَلَكَين.
أما أهلُ المَعاصي فلا يَستطيعون أن يَقولوا: «لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ» عندَ الموتِ، { وَيُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلظَّٰلِمِينَۚ} [إِبْرَاهِيمَ: 27] ، ولا يَستطيعُون أن يُجِيبوا المَلَكَين عندَ السؤالِ، بل يقولُ أحدُهم: «لا أدرِي، كنتُ أقولُ ما يقولُ الناسُ» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (1338)، ومسلم رقم (2870).
الصفحة 5 / 436