×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الأول

وَتَوَلَّى سُبْحَانَهُ الدَّفْعَوَالدِّفَاعَ عَنْهُ بِنَفْسِهِ وَقَالَ: هَؤُلاَءِ حِزْبِي، وَحِزْبُ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ، وَهَؤُلاَءِ جُنْدِي {وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلۡغَٰلِبُونَ} [الصَّافَّاتِ: 173] . وَعَلَّمَ عِبَادَهُ كَيْفِيَّةَ هَذِهِ الْحَرْبِ وَالْجِهَادِ، فَجَمَعَهَا لَهُمْ فِي أَرْبَعِ كَلِمَاتٍ فَقَالَ: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱصۡبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} [آلِ عِمْرَانَ: 200] .

وَلاَ يَتِمُّ أَمْرُ هَذَا الْجِهَادِ إِلاَّ بِهَذِهِ الأُْمُورِ الأَْرْبَعَةِ، فَلاَ يَتِمُّ الصَّبْرُ إِلاَّ بِمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ، وَهُوَ مُقَاوَمَتُهُ وَمُنَازَلَتُهُ، فَإِذَا صَابَرَ عَدُوَّهُ احْتَاجَ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ وَهِيَ الْمُرَابَطَةُ، وَهِيَ لُزُومُ ثَغْرِ الْقَلْبِ وَحِرَاسَتُهُ لِئَلاَّ يَدْخُلَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَلُزُومُ ثَغْرِ الْعَيْنِ وَالأُْذُنِ وَاللِّسَانِ وَالْبَطْنِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، فَهَذِهِ الثُّغُورُ يَدْخُلُ مِنْهَا الْعَدُوُّ فَيَجُوسُ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَيُفْسِدُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ، فَالْمُرَابَطَةُ لُزُومُ هَذِهِ الثُّغُورِ، وَلاَ يُخَلِّي مَكَانَهَا فَيُصَادِفَ الْعَدُوُّ الثَّغْرَ خَالِيًا فَيَدْخُلَ مِنْهُ.

فَهَؤُلاَءِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ الْخَلْقِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَأَعْظَمُهُمْ حِمَايَةً وَحِرَاسَةً مِنَ الشَّيْطَانِ، وَقَدْ أَخْلَوُا الْمَكَانَ الَّذِي أُمِرُوا بِلُزُومِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، فَدَخَلَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، فَكَانَ مَا كَانَ.

وَجِمَاعُ هَذِهِ الثَّلاَثَةِ وَعَمُودُهَا الَّذِي تَقُومُ بِهِ هُوَ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى، فَلاَ يَنْفَعُ الصَّبْرُ وَلاَ الْمُصَابَرَةُ وَلاَ الْمُرَابَطَةُ إِلاَّ بِالتَّقْوَى، وَلاَ تَقُومُ التَّقْوَى إِلاَّ عَلَى سَاقِ الصَّبْرِ.

فَانْظُرِ الآْنَ فِيكَ إِلَى الْتِقَاءِ الْجَيْشَيْنِ، وَاصْطِدَامِ الْعَسْكَرَيْنِ وَكَيْفَ تُدَالُ مَرَّةً، وَيُدَالُ عَلَيْكَ أُخْرَى؟!

أَقْبَلَ مَلِكُ الْكَفَرَةِ بِجُنُودِهِ وَعَسَاكِرِهِ، فَوَجَدَ الْقَلْبَ فِي حِصْنِهِ جَالِسًا 


الشرح