وقوله: «وَهِيَ لُزُومُ ثَغْرِ الْقَلْبِ
وَحِرَاسَتُهُ لِئَلاَّ يَدْخُلَ مِنْهُ الْعَدُوُّ، وَلُزُومُ ثَغْرِ الْعَيْنِ
وَالأُْذُنِ وَاللِّسَانِ وَالْبَطْنِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ»، الله جل وعلا
نَهى عن النظرِ المُحرَّم؛ لأنه يُورِث الشهوةَ في القلبِ { قُل
لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ} [النور: 30] ،
يَأتيه الشيطانُ ويَقول: انظُر إلى النِّساء وإلى الفِتنة، فإن هَذا فيه اعتبارٌ
لخَلْقِ اللهِ، وفيه تدبُّر لخلقِ اللهِ!
ولذلك الصُّوفِية يقولُون:
إن النظرَ إلى النِّساء وإلى المُردَان ليس من أجلِ الشَّهْوَة، وإنما مِن أجلِ
الاعتبارِ بآياتِ اللهِ، وهو يُفيد القلبَ معرفةً باللهِ عز وجل ! فيُزيِّن لهم
الشيطانُ الشهواتِ بهذه الطَّريقة، ويَعكس ما قَاله اللهُ سبحانه وتعالى .
ومنهم من يَصِل به الأمرُ
إلى أن يقولَ: «إن هذا الجَمَال الذِي في
بَعض الصُّوَر هو اللهُ!» وهَذا مَذهبُ الحُلولِيَّة الذينَ يقولونَ: إن اللهَ
حَالٌّ في مَخلوقاته، وهذا الجَمال الذِي فيها هَذا بسببِ حُلولِ اللهِ فيهَا.
ثم يتدرَّج بهم فيقُول: «هَذه المَخلوقات هِي اللهُ!» وهذا مَذهب
الاتِّحادية، كابنِ عَرَبِيّ، والتِّلِمْسَانِيّ، وأشكالِهم من أَهل الاتِّحاد
الذينَ يقولُون: ليس هُناك انقسامٌ في المَخلوقات، بل هِي كُلها اللهُ عز وجل !
والذِي يَقول: إن هُناك
خالقًا ومخلوقًا. هَذا مُشرِكٌ عِندهم، والتَّوحيد عِندهم: أنكَ تعتقدُ أن هَذا
الكَوْن كُله هو اللهُ! نسألُ اللهَ العافيةَ، هكذا يتدرَّج الشيطانُ بهم إلى هَذه
المَراحِل الخَبيثة.
***
الصفحة 2 / 436