وَهَذَا الْقِسْمُ أَعْظَمُ
أَنْوَاعِ الذُّنُوبِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ بِلاَ عِلْمٍ فِي
خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ.
فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ
هَذِهِ الذُّنُوبِ، فَقَدْ نَازَعَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فِي رُبُوبِيَّتِهِ
وَمُلْكِهِ، وَجَعَلَ لَهُ نِدًّا، وَهَذَا أَعْظَمُ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ،
وَلاَ يَنْفَعُ مَعَهُ عَمَلٌ.
****
الشرح
المعاصي تَتَفَاوَتُ بعضُها
كبائِرُ، وبعضُها صغائِرُ، بعضُها مُوْبِقَةٌ، وبعضُها إِثْمٌ، وهي تتكوَّن من
شَيْئَيْنِ: إِمَا تَرْكُ واجبٍ، وإِمَّا فِعْلُ مُحَرَّمٍ، لا تخرج عن هذا
التَّقْسيمِ.
وقولُه في تقسيم
الذُّنوب: «مَلَكِيَّةِ» يعني: ذنوبَ
مُلُوكِ الدُّنْيَا؛ لأَنَّ الإِنْسانَ إِذَا صار له سُلْطَةٌ نَازَعَ اللهَ جل
وعلا في صفاتِه، فيَسْتَكْبِرُ ويَتَجَبَّرُ على النَّاس، ويظلمهم، هذه الذُّنوبُ
الملكيَّةُ.
وقولُه: «وشِرْكٌ بِهِ في معاملتِه» وهو الرِّياءُ
والسُّمْعَةُ.
والشِّركُ باللهِ هو أَعْظمُ
أَنْواعِ الذُّنوبِ، قال تعالى: { إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ
عَظِيمٞ} [لقمان: 13] ،
وأَعْظمُ ذَنْبٍ عُصِيَ اللهُ بِهِ هو الشِّرْكُ، ولذلك قال اللهُ تبارك وتعالى : {إِنَّ ٱللَّهَ
لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ} [النساء: 48] ، وقال عز وجل : { إِنَّهُۥ مَن يُشۡرِكۡ بِٱللَّهِ
فَقَدۡ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ ٱلۡجَنَّةَ وَمَأۡوَىٰهُ ٱلنَّارُۖ } [المائدة: 72] ،
وأَكْثَرُ النَّاسِ لا يهتمُّون بالشِّرْك، ولا يسأَلون عنه، ولا يبحثون عنه؛
لأَنَّه لا يُهِمُّهُمْ، فيَقَعُونَ فيه وهُمْ ما يَدْرُونَ أَوْ يَدْرُونَ.
وكذلك القولُ على اللهِ
بغيرِ علمٍ أَعْظمُ من الشِّرْكِ، قال تعالى: { وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ
مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا
تَعۡلَمُونَ} [الأعراف: 33] ،
وذلك بأَنْ يقولَ: هذا حلالٌ وهذا حرامٌ، فيُحلِّلُ أَشْياءَ ويُحرِّمُ أَشْياءَ
بغيرِ دليلٍ من الكتابِ أَوِ السُّنَّةِ.
***
الصفحة 2 / 436