×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

أَمَّا بَعْدُ:

أَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى رِعَايَةِ وَدَائِعِهِ،

****

 أي: لا تتخرَّص، ولا تَقُلْ على الله ما لا تعلم، بل قف عند حدِّك، فما علمته من العلم النافع فتكلَّمْ به، وافْتِ به، وما لم تعلمه توقف عنه حتى تتعلمه، هذه طريقة أهل الإيمان.

ثانيًا: من صفاتهم أنهم يستغنون بالحلال عن الحرام، وبالطيبات عن الخبائث في مطاعمهم، وملابسهم، ومشاربهم، ومناكحهم، فيقتصرون على ما أحل الله لهم، ويتجنبون ما حرم الله عليهم، قال تعالى في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَٰتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡخَبَٰٓئِثَ [الأعراف: 157].

الدين وديعة عندك وأمانة عندك، وهو الأوامر والنواهي، والحلال والحرام، ودائع وأمانة ائْتَمَنَك الله عليها، وهي الأمانة التي عرَضها الله على السماوات، والأرض، والجبال فأبَيْن أن يحملنها، وأشفقن منها، وحملها الإنسان، فالله عرَض هذه الأمانة، أي: أمانة التكاليف، والأوامر، والنواهي عرَضها على السماوات، والأرض، والجبال -عَرْضَ تَخْيِير، لا عَرْض إلزام-، فآثرت السلامة على الغنيمة، ﴿وأَشۡفَقۡنَ مِنۡهَا: خِفْنَ مِن تحملها، ﴿وَحَمَلَهَا ٱلۡإِنسَٰنُۖ إِنَّهُۥ كَانَ ظَلُومٗا جَهُولٗا [الأحزاب: 72]، وآدم عليه السلام وذريته آثروا الغنيمة على السلامة؛ لجهل الإنسان أي: جنس الإنسان وظلمه؛ ولهذا قال في الآية التي بعدها: ﴿لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ [الأحزاب: 73].


الشرح