وَلاَ
يُحِيطُ بِأَمْرِهِ الْمُتَفَكِّرُونَ، وَيَعْتَبِرُ الْمُتَفَكِّرُونَ بِآيَاتِهِ.
****
فالأسماء والصفات معلومة المعنى، ولكن كيفيتها لا يعلمها
إلا الله، فلا تقل: «كيف استوى؟»،
فالكيفية لا نعلمها؛ ولهذا لما سأل رجل الإمامَ مالكًا رحمه الله، فقال له: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ
عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾
[طه: 5]، كيف استوى؟ فأطرق الإمام مالك رحمه الله برأسه، حتى علاه العرق من الخوف
من الله عز وجل؛ لأن هذا سؤال لا يليق بالله عز وجل، ثم قال: «الاِسْتِوَاء مَعْلُوم» يعني: معلوم المعنى، فاستوى على العرش معناه:
ارتفع واستقر، وعلا عليه، «وَالْكَيْف
مَجْهُول»، أي: مجهولة كيفيته، «وَالإِْيمَان
بِه وَاجِب» على ما يليق بالله، «وَالسُّؤَال
عَنْه بِدْعَة»، أي: السؤال عن الكيفية، وليس من عادة العلماء ولا السلف
الصالح أنهم يسألون عن الكيفية، وإنما يسألون عن المعنى فقط؛ لأنه معلوم، ثم قال: «وَمَا أَرَاك إلاَّ رَجُلُ سُوءٍ، ثم أمر به
فأُخْرِج من المجلس» ([1])،
فأمر به فأُخرِج من مجلسه وطُرِد، وهكذا جزاء مثل هذا الذي يتجرأ على الله، ويسأل
عن شيء لا يجوز السؤال عنه.
فلا يحيط بشأنه سبحانه وتعالى المُتفكِّرون، مهما تفكرت
في الله عز وجل في ذاته، وفي أفعاله، وفي صفاته وأسمائه، لن تنتهي إلى غاية، ما
عليك سوى الإيمان بالله وأسمائه وصفاته، والوقوف عند هذا، ولا تسأل عن الكيفية.
التفكُّر في الله: أن تتفكر في آيات الله، فتتفكر في آيات الله الكونية والقرآن، الآيات الكونية: تتفكر في الأرض، والجبال، والبحار، والبر، والبحر، والأشجار، والأنهار، تتفكر فيها أنها تدل
([1]) أخرجه: الدارمي في الرد على الجهمية رقم (104)، والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (867).
الصفحة 2 / 116