وَالإِْيمَانُ
بِالْقَدَرِ.
****
يُغۡنِي عَنكَ شَيۡٔٗا﴾
[مريم: 42]؛ فدل على أن الذي لا يسمع، ولا يبصر، ولا يتكلم لا يصلح أن يكون إلهًا،
ولا يلزم من إثبات الصفات لله مشابهته للمخلوقين؛ فأسماء الله وصفاته لا تُشبه
صفات خلقه، وأسماؤه لا تُشبه أسماء خلقه، وكلامه لا يُشبه كلام خلقه، وصفات
المخلوقين تليق بهم، وصفات الله تليق به؛ فهناك فرق بين هذا وهذا، وهذا ما ذكره المؤلِّف
رحمه الله في قوله: «وأن القرآن كلام الله»،
وكذا الإنجيل كلام الله، والتوراة كلام الله، وكلامه أكثر من هذا.
وهو «لَيْسَ
بِمَخْلُوقٍ فَيَبِيدُ» كما تقوله الجهمية؛ لأنه لو كان مخلوقًا، فالمخلوق
يفنى ويبيد؛ فعلى هذا فالقرآن يبيد، ولكن القرآن لا يفنى ولا يبيد، وكذا سائر
كلامه سبحانه وتعالى.
«وَلاَ
صِفَةً لِمَخْلُوقٍ فَيَنْفَدُ»، هذا
ردٌّ على الذين يقولون: «إن القرآن إنما تكلم به جبريل عليه السلام، والرد عليهم:
أنه لو كان كذلك لكان صفة مخلوق، وصفات المخلوق تنفد، وكلام الله لا ينفد، قال
تعالى: ﴿قُل لَّوۡ كَانَ ٱلۡبَحۡرُ مِدَادٗا لِّكَلِمَٰتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلۡبَحۡرُ
قَبۡلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَٰتُ رَبِّي وَلَوۡ جِئۡنَا بِمِثۡلِهِۦ مَدَدٗا﴾
[الكهف: 109]، كلام الله لا
ينفد كسائر صفاته.
الإيمان بالقضاء والقدر ركن من أركان الإيمان، كما في حديث جبريل لما سأله عن الإيمان، فقال صلى الله عليه وسلم: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلاَئِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الآْخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» ([1]).
الصفحة 1 / 116