والله جل وعلا يحيي الأرض بعد موتها بالنبات، فكذلك
البعث، قال تعالى: ﴿وَمِنۡ
ءَايَٰتِهِۦٓ أَنَّكَ تَرَى ٱلۡأَرۡضَ خَٰشِعَةٗ فَإِذَآ أَنزَلۡنَا عَلَيۡهَا ٱلۡمَآءَ
ٱهۡتَزَّتۡ وَرَبَتۡۚ إِنَّ ٱلَّذِيٓ أَحۡيَاهَا لَمُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰٓۚ إِنَّهُۥ
عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾
[فصلت: 39]، فكما يُنبِت النبات من الأرض؛ يُنبِت الأجسام أيضًا من تراب، فالتراب
الذي تحلل يعيده الله عز وجل كما كان، قال تعالى: ﴿قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ
وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ﴾
[ق: 4]، فالله يعيدهم وإن كانوا قد تحللوا وصاروا ترابًا، فهذا التراب المتحلل من
أجسادهم يعيده الله كما كان أجسامًا متحركة، حية، سميعة، بصيرة؛ فهو لا يعجزه شيء.
والله الذي خلق السماوات والأرض أليس قادرًا على أن يعيد
هذا الإنسان؟! هذا من باب أَوْلَى، قال تعالى: ﴿لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ
خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ﴾ [غافر: 57].
فالذي خلق السماوات والأرض قادر على أن يعيد هذا الإنسان
إلى الحياة كما كان، فهذه أدلة قاطعة، ذكرها الله في القرآن تدمغ هؤلاء الكفرة
الذين أنكروا البعث، وعجَّزوا الله سبحانه وتعالى عن أن يقدر عليه، تعالى الله عما
يقولون!
وأما أهل الإيمان العالمون بقدرة الله فإنهم لا يشكل عليهم ذلك، ويؤمنون به تمامًا؛ بناءً على خبر الله عز وجل، وأن الله قادر على كل شيء، ﴿وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٞ لَّا رَيۡبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبۡعَثُ مَن فِي ٱلۡقُبُورِ﴾ [الحج: 7]، فالله يبعث مَن في القبور، ولو صاروا ترابًا ورميمًا؛ فالله لا يعجزه شيء.
الصفحة 5 / 116