×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَلاَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ إلاَّ بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ.

وَأَنَّهُ لاَ يَكْفُرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.

****

 مَن عمل عملاً بدون نية: كأنْ صلى تطوُّعًا، وصام، وتصدق، وليس له نية؛ هذا ليس له أجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».

ثم -أيضًا- لا بد من موافقة السُّنَّة، فمَن قال قولاً، أو عمل عملاً يُخالف السُّنَّة؛ فإن قوله وعمله باطل، ولا اعتبار له حتى يعمل بسُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولذلك من العلماء مَن يقول: «إن الإيمان قول باللسان، واعتقاد بالقلب، وعمل بالجوارح، مع موافقة السُّنَّة»، يخرج بذلك المبتدعة؛ فالمبتدعة ليس عندهم إيمان، إما ليس عندهم إيمان أصلاً، وإما عندهم إيمان ناقص، ينقص بالبدع، نسأل الله العافية!

 هذا أصل من أصول أهل السُّنَّة والجماعة: أن ما دون الشرك من الذنوب والمعاصي أنه مُحرَّم وفيه وعيد، ولكن لا يصل صاحبه إلى حد الكفر -وهو الخروج من الملة-، ما دام أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويصوم رمضان، ويحج البيت، فإنه إذا حصل منه ذنب دون الشرك ودون الكفر؛ فإنه ينقسم إلى قسمين: إما كبائر، وإما صغائر، وعلى كلٍّ فالكبيرة والصغيرة دون الشرك لا تقتضي الكفر المُخرِج من الملة، قد تُسمَّى كفرًا أصغر، أما أنها تُخرِج من الملة، فهذا إنما يكون عند الخوارج الذين يكفرون المسلمين بالكبائر، ويحكمون على مرتكبي


الشرح