×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

 الكبيرة بالخلود في النار، وهو مذهب باطل؛ ولذلك يكفرون أهل السُّنَّة، ويقاتلونهم، ويستحلون دماءهم وأموالهم؛ بناءً على مذهبهم.

وأما أهل السُّنَّة والجماعة فيقولون: المعاصي تُنقِص الإيمان، ولكنها لا تُخرِج من الملة كما دلت على ذلك الأدلة من الكتاب والسُّنَّة.

وقابَل الخوارج المُرجِئة الذين يقولون: «إن الإيمان هو التصديق بالقلب، فما دام أنه مُصدِّق بقلبه؛ فهو مؤمن، والعمل لا يدخل في حقيقة الإيمان؛ فإنه لا تضره المعصية، فضلاً عن أنه يكفر بها»، يقولون: «لا يضر مع الإيمان معصية؛ كما لا ينفع مع الكفر طاعة».

أما أنه لا ينفع مع الكفر طاعة فهذا صحيح، وأما أنه لا يضر مع الإيمان معصية فهذا خطأ، فالمؤمن تضره المعصية، وإن كانت لا تُخرِجه من الملة، ولكنها تضره؛ فقد يُعذَّب بها في النار، فأصحاب الكبائر عند أهل السُّنَّة والجماعة إن تابوا منها؛ تاب الله عليهم، وإن لم يتوبوا؛ فهم تحت المشيئة؛ إن شاء الله غفر لهم، وإن شاء عذبهم بقدرها، ثم يخرجون من النار، وقد يبقون في النار مدة طويلة، ولكنهم يخرجون منها -بإذن الله-؛ إما بشفاعة الشافعين، وإما بانتهاء مدة عذابهم، وإما برحمة الله، فمآلهم إلى الجنة كما دلت على ذلك الأدلة الصحيحة، والله جل وعلا قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ [النساء: 48].

فمرتكب الكبيرة دون الشرك تحت المشيئة: إن شاء الله غفر له، وإن شاء عذبه بها، ثم يُدخِله الجنة، وقد تصيبه مصائب في الدنيا، ويُعاقَب


الشرح