×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

 لَحَٰفِظِينَ ١٠كِرَامٗا كَٰتِبِينَ ١١يَعۡلَمُونَ مَا تَفۡعَلُونَ ١٢ [الانفطار: 10- 12]، فهم يكتبون أعمال بني آدم، وهم يتعاقبون علينا بالليل والنهار؛ فهناك ملائكة يلازمون العبد في النهار، ويكتبون ما يصدر منه، وملائكة يكتبون عمل العبد في الليل، وفي الحديث: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ، وَصَلاَةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ -وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ-: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ» ([1]).

ففي صلاة الفجر يصعد الذين باتوا فينا، ويأتي ملائكة النهار، وفي صلاة العصر يصعد الذين كانوا معنا في النهار، ويأتي ملائكة الليل، وهكذا دائمًا وأبدًا؛ ولهذا صلاة الفجر تطول فيها القراءة، قال الله جل وعلا ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78]، فسمى صلاة الفجر قرآنًا؛ لأنها تطول فيها القراءة، وقوله: ﴿مَشۡهُودٗا، أي: محضورًا، تحضره ملائكة الليل وملائكة النهار، وصلاة العصر هي الصلاة الوسطى، وهي أفضل الصلوات، قال تعالى: ﴿حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ وَقُومُواْ لِلَّهِ قَٰنِتِينَ [البقرة: 238]، تحضرها معنا ملائكة الليل وملائكة النهار.

ومنهم: صِنف مُوَكَّل بحفظ ابن آدم، يحفظونه أن يصيبه شيء، أو أن يعتدي عليه أحد، قال تعالى: ﴿يَحۡفَظُونَهُۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۗ [الرعد: 11]، أي: يحفظون العبد بأمر الله، إلى أن يأتي قدر الله المُقدَّر عليه،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (555)، ومسلم رقم (632).