×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَأَنْ لاَ يُذْكَرَ أَحَدٌ مِنْ صَحَابَةِ الرَّسُولِ إلاَّ بِأَحْسَنِ ذِكْرٍ، وَالإِْمْسَاكُ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَأَنَّهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ أَنْ يُلْتَمَسَ لَهُمْ أَحْسَنُ الْمَخَارِجِ، وَيُظَنَّ بِهِمْ أَحْسَنُ الْمَذَاهِبِ.

****

 وسعيد بن زيد بن الخطاب -ابن عم عمر بن الخطاب-، وأبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم فهؤلاء العشرة المبشرون بالجنة، ثم أصحاب بدر، ثم أصحاب بيعة الرضوان، والمهاجرون أفضل من الأنصار، ثم الذين أسلموا قبل الفتح، ثم الذين أسلموا بعد الفتح، كل هؤلاء صحابة، ولكن يتفاضلون فيما بينهم -رضي الله عنهم وأرضاهم-.

 من أصول أهل السُّنَّة والجماعة: الثناء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لا يُذكَر أحد منهم إلا بأحسن الذكر رضي الله عنهم؛ لأن الله مدحهم، وأثنى عليهم، ورضي عنهم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ، وَلاَ نَصِيفَه» ([1]).

الفِتن تقع عليهم وعلى غيرهم، وقد وقعت على الصحابة، وتقع على مَن جاء بعدهم، ولكن الصحابة رضي الله عنهم أعطاهم الله من الفضل ما لم تُؤثِّر فيهم بسببه الفتنة التي حصلت.

والفتنة إذا جاءت، فمن الناس مَن يمسك عنها، ولا يدخل فيها، وإما أن يدخل فيها باجتهاد منه؛ لإطفائها، فلا يبحث فيما حدث بين الصحابة رضي الله عنهم بسبب الفتنة إلا على وجه الاعتذار عنهم.

 الصحابة رضي الله عنهم غير معصومين بالنسبة لأفرادهم، أما جملة الصحابة رضي الله عنهم فهم معصومون، وإجماعهم حُجة، ولكن أفرادهم قد يقع


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3673)، ومسلم رقم (2541).