×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

وَاتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَاقْتِفَاءُ آثَارِهِمْ، وَالاِسْتِغْفَارُ لَهُمْ.

****

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ [النساء: 59]، والرد إلى الله والرسول هو الرد إلى الكتاب والسُّنَّة على أيدي العلماء؛ لأن العلماء هم أولو الأمر في العلم، والأمراء أولو الأمر في السلطة، ولا بد للمسلمين من علم وسلطة؛ فمسائل العلم للعلماء، ومسائل السياسة لأمراء المسلمين، ولا يستقيم أمر المسلمين إلا بهذا في كل زمان ومكان، ولا يستقيم هذا مع إعلان سبِّهم وتنقُّصهم، والتماس العيوب لهم، وإعلان ذلك للناس؛ لأن هذا يسبب الخروج عليهم، وشق عصا الطاعة، وتفريق الجماعة، ومَن حصل منه خطأ، فإنه يُناصَح سرًّا بين الناصح والمنصوح.

وكذلك من أصول أهل السُّنَّة والجماعة اتِّباع السلف الصالح، والسلف الصالح: هم الصحابة رضي الله عنهم، والتابعون، وأتباع التابعين، ومَن سار على نهجهم إلى يوم القيامة، كما قال جل وعلا: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ [التوبة: 100]، وقال صلى الله عليه وسلم: «افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاَثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً» ([1])، وفي رواية: «كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلاَّ وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ» ([2])، وفي رواية أخرى: «مَنْ كَانَ


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2641).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (3993).