×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

فلا يتكلمون في الصحابة رضي الله عنهم، ولا ينتقصونهم، ولا يلتمسون لهم العيوب، وإنما يستغفرون لهم، ويترضَّون عنهم، ويحبونهم، ويقتدون بهم.

هذا منهج أهل السُّنَّة والجماعة مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الاقتداء بهم، والسَّير على منهجهم، وسلامة القلوب من بُغضهم، وسلامة الألسنة من سبهم والقدح فيهم أو في أحد منهم، هذا هو منهج الكتاب والسُّنَّة، ومنهج أهل السُّنَّة والجماعة، ولا يستقيم أمر الأمة إلا بهذا، أما إذا تنكر المتأخرون لمَن سبقهم، وأنكروا فضلهم وسابقتهم، ورموهم بالجهل والغباوة وغير ذلك؛ فهذا ضلال وضياع، وعدم التمسك بكتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله جل وعلا قال: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ [آل عمران: 103]. ﴿جَمِيعٗا: من أول الأمة إلى آخرها يتمسكون بحبل الله، وهو الكتاب والسُّنَّة، ولا يتفرقون في ذلك، وإن اختلفوا في المسائل الاجتهادية، فإنهم يرجعون إلى الكتاب والسُّنَّة؛ ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ [النساء: 59]، فالاختلاف في المسائل الاجتهادية الفقهية لا بد أن يحصل، لكن الذي يضبط المنهج الصحيح هو أن تعرض الأقوال على الكتاب والسُّنَّة، فما وافق الكتاب والسُّنَّة؛ فهو صواب، وما خالفهما؛ فهو خطأ، فيؤخذ بالصواب، ويُترك الخطأ، ولا نتعصب لقول أحد دون أحد، وإنما علينا أن نزن أقوال المختلفين من قبلنا، أو المعاصرين لنا على كتاب الله وسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فما وافق الكتاب والسُّنَّة؛ فهو صواب،


الشرح