×
شرح مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني

 ومدروس، فليرجع إليه، ويتبع، وينفذ؛ حتى تصلح الأمة، ويستقيم أمرها.

ومن حق السلف الصالح علينا من الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين، وممن جاء بعدهم أن نستغفر لهم؛ لأن الله لما ذكر المهاجرين والأنصار في سورة الحشر؛ قال: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَأَمۡوَٰلِهِمۡ يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا وَيَنصُرُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّٰدِقُونَ [الحشر: 8]، ثم قال في الأنصار: ﴿وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ [الحشر: 9]، يعني: المدينة دار الهجرة، وهم الأنصار رضي الله عنهم، ﴿يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الحشر: 9]، ثم قال في الذين جاءوا من بعدهم: ﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ، أي: من بعد المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ، ولم يكتفِ بأنهم يقولون: ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا، بل قال: ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا، يعني: بُغضًا وكراهية ﴿لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10]، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «العقيدة الواسطية»: «ومن أصول أهل السُّنَّة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم » ([1])، سلامة قلوبهم من البُغض والكراهية؛ لأن الذي يُبغِض الصحابة رضي الله عنهم، ويكرههم هذا منافق وليس بمؤمن، وكذا سلامة ألسنتهم؛


الشرح

([1])  انظر: العقيدة الواسطية (ص: 115).