×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

هذه الضمانات التي تتم من قبل السلطَان، أَما الضمانات التي تتم من قبل القاضي نفْسه فَتتلخَّصُ فِيما يَلي:

1- أَن لا يَدْخُل في القضاءِ إلاَّ إِذَا أَحَس من نفْسه الكَفَاءَةَ وَالأَهليَّةَ وَحُسن النيَّةِ لأَنه منصِب دِيْنيٌّ وَفِيه فَضل عَظِيم لمن قوِيَ على القيَام به وَأَدَاءِ الحق فِيه، قال شَيخ الإِسلام ابن تيميَّة: وَالوَاجِب اتخَاذُها: أَيْ وِلايَةُ القضاءِ دِينًا وَقرْبةً؛ فَإِنها من أَفْضل القرُبات وَالأَعْمال بالنيَّات، وَإِنما لكل امرِئٍ ما نوَى. وَإنما فَسدَ حَال الأَكْثَرِ لطَلب الرِّئَاسةِ وَالمال بها. انتهى. وَفِيه «أَيِ القضاءُ» خَطَرٌ عَظِيم وَوِزْرٌ كَبيرٌ لمن لم يُؤَدِّ الحق فِيه، وَلهذا وَرَدَ في الحديث: «مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ»([1]).

وَمعْناه أَن من تصَدَّى للقضاءِ وَتوَلاه وهو لا يُحْسنه فَقدْ تعَرَّض للذَّبحِ فَليَحْذَرْه - فَمن لم يُحْسنه وَلم تجْتمعْ فيه شروطه حَرُم عليه الدُّخُول فيه.

2- على القاضي أَن يَلزَم الحِيَادَ فَيكون بعِيدًا عن التحَيُّزِ وَالمحَاباةِ لفَرِيق دُون فَرِيق أَو لشَخْصٍ دُون شَخْصٍ - قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ [النساء: 58].

وَقال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَٰلِدَيۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِينَۚ [النساء: 135].


الشرح

([1])أخرجه: أَبو داود رقم (3572)، والترمذي رقم (1325)، وابن ماجه رقم (7308)، وأَحمد رقم (7145).