×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَلذلك لا يجُوز للقاضي أَن يَحْكُم لنفْسه أَو لأُصُوله أَو فُرُوعِه؛ لأَن ذلك قد يُؤَثِّرُ على حِيَادِه، وَيَستميله في حُكْمه وَيُوقعُه في التهمةِ.

وَلأَجْل المحَافَظَةِ على حِيَادِ القاضي وَاستقلاله لا بد له من التزَام الأُمورِ التاليَةِ:

1- لا يَحْكُم لنفْسه وَلا لمن تقبل شَهادَته له كَما مرَّ قرِيبا.

2- لا يَعْمل شَيْئًا مما قد يُفْهم منه ميْله مع أَحَدِ الخَصْميْن، بل يَعْدِل بيْنهما في لفْظِه وَلحْظِه وَمجْلسه وَالدُّخُول عليه وَلا يَسمحُ لأَحَدِ الخَصْميْن أَن يَنزِل ضيْفًا عِندَه إِلى غير ذلك من التصَرُّفَات التي قد تُشْعِرُ بميْله مع أَحَدِ الخُصُوم.

3- لا يُجِيب الدَّعْوَةَ الخَاصَّةَ - لأَن إِجَابتها لا تخْلو من التهمةِ - إلاَّ إِذَا كان صاحب الدَّعْوَةِ قد جَرَت عَادَته بدَعْوَته قبل القضاءِ أَو كان بيْنه وَبيْن القاضي قرَابةٌ - وَلم يكن لأَحَدٍ من هذَين خُصُومةٌ.

4- لا يَقبل الهدِية َ - لما رَوَى أَبو سعِيدٍ قال: «بعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَْزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ - فقال: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ، فَيَجيء فيَقُولُ: هَذَا لَكَ وَهَذَا أهدي إليَّ، ألا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى إليه أَمْ لاَ؟ وَالَّذِي نَفْس محمد بِيَدِهِ، لاَ نبعث أَحَدٌ مِنْكُمْ فيأخذ شيئًا إلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6753)، ومسلم رقم (1832).