×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَكَلامه هنا وَاضحٌ في أَنه يَرَى تحريم ما ذَكَّاه أَهل الكِتاب على غير الذَّكاة الشَّرعيَّة كَالخَنق وَحَطْم الرَّأْس وَأَنه لا عِبرَةَ بكَوْنهم يَعْتبرُونه طعامًا لهم.

الوَجْه الثَّاني: أَن المرَادَ بطعام أَهل الكِتاب الذي أَباحَ الله لنا أَكْله ما ذَبحُوه على الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة خَاصَّةً، أَما ما ذَبحُوه على غير الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة فَلا يَحِل وَلوِ استحَلوه هم فَإِنهم استحَلوا لحْم الخِنزِيرِ وَلم يُعْتبرْ ذلك من طعامهم الذي أَباحَه الله لنا.

الوَجْه الثَّالثُ: أَن المسلم لوْ ذَبحَ على غير الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة لم تحِل ذَبيحَته فَكَيْفَ تحِل ذبيحة الكِتابيِّ وهي على غير الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة، وَكَيفَ يَتشَدَّدُ في ذبيحة المسلم وَيَتساهل في ذبيحة الكِتابيِّ، وَالمسلم أَعلى من الكافر.

القسم الرَّابعُ: من اللحُوم المستوْرَدَةِ ما كان مستوْرَدًا من بلادِ أَهل الكِتاب وَلم تعْلم كَيْفِيَّةُ تذْكِيَته على وَجْه اليَقين بيْنما تدُورُ حَوْله شُكُوكٌ قوِيَّةٌ في أَنه يُذْبحْ على غير الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة، فَهذا قد اخْتلفَت فيه آرَاءُ العلماء المعَاصِرِين على قوْليْن:

القوْل الأَوَّل: أَنه مباحٌ عَملاً بالآيَةِ الكَرِيمةِ: ﴿وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ [المائدة: 5].

وَالأَصْل في هذه الذبائح الإِباحَةُ إلاَّ إِذَا عَلمنا أَنها ذُبحَت على غير الطَّرِيقةِ الشَّرعيَّة.

القوْل الثَّاني: أَن هذا النوع من الذبائح حَرَام؛ لأِن الأَصْل في الحَيَوَانات التحريم فَلا يَحِل شَيْءٌ منها إلاَّ بذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ متيَقنةٍ تنقلها من التحريم إِلى الإِباحَةِ، وَحُصُول الذَّكاة على الوَجْه الشَّرعيِّ في هذه


الشرح