×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

فَالجَوَاب: أَن العِلةَ لم تنحَصِرْ في احْتقان الدَّم بل هناكَ عِلل أُخْرَى لتحريم الميْتةِ، وَلا يَلزَم من انتفَاءِ بعضها انتفَاءُ الحِكَم الأُخْرَى بل يَخْلفُه عِلةٌ أُخْرَى - «فَإِن الله سبحانه حَرَّم عَليْنا الخَبائِثَ، وَالخُبثَ الموجِب للتحريم قد يَظْهرُ لنا وقد يَخْفَى، فَما كان ظَاهرًا لم يَنصُب عليه الشَّارِعُ عَلامةً غير وَصْفِه، وما كان خَفِيًّا نصَب عليه عَلامةً تدُل على خُبثِه، فَاحْتقان الدَّم في الميْتةِ سبب ظَاهرٌ، وَأَما ذبيحة المجُوسيِّ وَالمرْتدِّ وَتارِكِ التسميَةِ وَمن أَهلَّ بذبيحة لغَيرِ الله، فَإِن ذَبحَ هؤلاء أَكْسب المذْبوحَ خُبثًا أَوْجَب تحْرِيمه، وَلا يُنكَرُ أَن يكون ذِكْرُ اسم الأَوْثَان وَالكَوَاكِب وَالجِن على الذبيحة يُكْسبها خُبثًا وَذِكْرِ اسم الله وَحْدَه يُكْسبها طِيبا إلاَّ من قل نصِيبه من حَقائِق العِلم وَالإِيمان وَذَوْق الشَّرِيعَةِ، وقد جَعَل الله سبحانه ما لم يُذْكَرِ اسم الله عليه من الذبائح فِسقًا وهو الخَبيثُ، وَلا رَيْب أَن ذِكْرَ اسم الله على الذبيحة يُطَيِّبها وَيَطْرُدُ الشَّيْطَان عن الذَّابحِ وَالمذْبوحِ، فَإِذَا أَخَل بذِكْرِ اسمه لابس الشَّيْطَان الذَّابحَ وَالمذْبوحَ فَأَثَّرَ ذلك خُبثًا في الحَيَوَان».

الرَّدُّ على من استباحَ الميْتةَ من المشْرِكِين وَغَيْرِهم؟

ذَكَرَ الله سبحانه في القرْآن الكَرِيم عن المشْرِكِين أَنهم يَستبيحُون الميْتةَ وَيُجَادِلون المؤْمنين في ذلك. وَحَذَّرَ المؤْمنين من طَاعَتهم في استباحَةِ هذا المحَرَّم وَاعْتبرَ الطَّاعَةَ لهم في ذلك شِرْكًا؛ فقال سبحانه: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِ‍َٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ ١١٨ وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِينَ ١١٩ وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَيُجۡزَوۡنَ بِمَا كَانُواْ


الشرح