×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

يَقۡتَرِفُونَ ١٢٠ وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ [الأنعام: 118- 121] إِنه يَأْمرُ بالأَكْل مما ذُكِرَ اسم الله عَليْه، وَذِكْرُ الله يُقرِّرُ الوِجْهةَ وَيُحَدِّدُ الاتجَاه وَيُعْلن إِيمان الناس بطَاعَةِ هذا الأَمرِ الصَّادِرِ إِليْهم من الله: ﴿فَكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ إِن كُنتُم بِ‍َٔايَٰتِهِۦ مُؤۡمِنِينَ [الأنعام: 118] ثُم يَسأَلهم: وما لهم يَمتنعُون من الأَكْل مما ذكر اسم الله عليه وقد جعله الله لهم حَلالا، وقد بين لهم الحرام الذي لا يأكلونه إلاَّ اضطرارًا فانتهى بهذا البيان كل قول في حله وحرمته وفي الأكل منه أَو تركه: ﴿وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تَأۡكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَقَدۡ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيۡكُمۡ إِلَّا مَا ٱضۡطُرِرۡتُمۡ إِلَيۡهِۗ [الأنعام: 119] وَلما كَانت هذه النصُوصُ توَاجِه قضيَّةً حَاضرَةً إِذْ ذَاكَ في البيْئَةِ حيث كان المشْرِكُون يَمتنعُون من ذبائح أَحَلها الله وَيُحِلون ذبائح حَرَّمها الله وَيَزْعُمون أَن هذا هو شَرْعُ الله اقتضى الحَال أَن يَفْصِل في أَمرِ هؤلاء المشَرِّعِين المفْترِين على الله فَيُقرِّرُ أَنهم إِنما يُشَرِّعُون بأَهوَائِهم وَيُضلون الناس بما يُشَرِّعُونه لهم من عند أَنفُسهم وَيَعْتدُون على أُلوهيَّةِ الله وَحَاكِميَّته بمزَاوَلتهم لخَصَائِصِ الأُلوهيَّةِ وَهم عَبيدٌ ﴿وَإِنَّ كَثِيرٗا لَّيُضِلُّونَ بِأَهۡوَآئِهِم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُعۡتَدِينَ [الأنعام: 119] وَيَأْمرُهم بأَن يَترُكُوا الإِثْم كُله ظَاهرَه وَخَفِيَّه - وَمنه الذي يُزَاوِلونه من إِضلال الناس بالهوَى وَبغَيْرِ عِلم، وَحَملهم على شَرَائِعَ ليْست من عند الله افْترَاءً على الله أَنها تشْرِيعُه، وَيُحَذِّرُهم مغَبةَ هذا الإِثْم الذي يَقترِفُونه: ﴿وَذَرُواْ ظَٰهِرَ ٱلۡإِثۡمِ وَبَاطِنَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡسِبُونَ ٱلۡإِثۡمَ سَيُجۡزَوۡنَ بِمَا كَانُواْ يَقۡتَرِفُونَ [الأنعام: 120] ثُم يَنهى عن الأَكْل مما لم يُذْكَرِ اسم الله عليه من الذبائح التي كَانوا يَذْكُرُون عَليْها أَسماء آلهتهم


الشرح