×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَالجَنيب قيل هو الطَّيِّب، وَقيل هو الذي أُخْرِجَ منه حَشَفُه وَرَدِيْئُه، وَقيل هو الذي لم يَخْتلطْ بغَيْرِه ([1]). وَعلى كُل التفَاسيرِ فَالمرَادُ به الجَيِّدُ من التمرِ - وَالجَمعُ تمرٌ رَدِيءٌ أَو هو الخَليطُ من أَنواع مختلفةٍ ([2]).

قال الشَّوْكَانيُّ في نيْل الأَوْطَارِ وَالحديث يدل على أَنه لا يجُوز بيْعُ رَدِيءِ الجِنس بجَيِّدِه متفَاضلا. وَهذا أَمرٌ مجْمعٌ عَليْه، لا خِلافَ بيْن أَهل العلم فِيه. انتهى. وقد أَرْشَدَ النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إِلى الطَّرِيقةِ السليمةِ البعِيدَةِ عن الرِّبا، التي يَسلكُها من أَرَادَ أَن يَستبدِل التمرَ الجَيِّدَ بالتمرِ الرَّدِيءِ، وَذلك بأَن يَبيعَ التمرَ الرَّدِيءَ بدَرَاهم وَيَشْترِيَ بالدَّرَاهم تمرًا جَيِّدًا، وَهذه الطَّرِيقةُ تتبعُ في كُل رِبوِيٍّ يُرَادُ استبدَاله برِبوِيٍّ أَحْسن منه؛ لأَن الجَوْدَةَ في أَحَدِ الجِنسيْن لا تبرِّرُ الزيَادة إِذَا بيعَ أَحَدُهما بالآخَرِ، وَالله أَعْلم.

إِذَا باعَ رِبوِيًّا بثَمن مؤَجَّل، فَهل يجُوز له أَن يَعْتاض عن ذلك الثَّمن رِبوِيًّا آخَرَ؟

قال شَيخ الإِسلام - ابن تيمية -: «هذه فيها نزَاعٌ بيْن العُلماءِ. فَمذهب الفقهاء السبعَةِ وَمالكٍ وأَحمد في المنصُوصِ عنه أَن ذلك لا يجُوز. فَمن باعَ مالاً رِبويًّا كَالحِنطَةِ وَالشعير وَغَيْرِهما إِلى أَجَل لم يَجُزْ أَن يَعْتاض عن ثَمنه بحِنطَةٍ أَو شعير أَو غير ذلك مما لا يُباعُ به نسيئَةً؛ لأَن الثَّمن لم يُقبض، فَكَأَنه قد باعَ حِنطَةً أَو شَعِيرًا بحِنطَةٍ أَو شعير إِلى أَجَل متفَاضلا.


الشرح

([1])فتح الباري (4/ 40).

([2])شرح النووي على صحيح مسلم رقم (11/ 21).