الجواب الخَامس: أَن المعنى في
قوله: لا رِبا إلاَّ في النسيئة - أَيْ الرِّبا الأَغْلظ الشَّدِيد التحريم
المتوَعَّد عليه بالعِقاب الشَّدِيدِ - كَما تقول العَرَب: لا عَالم في البلدِ
إلاَّ زَيْدٌ. مع أَنه فيها عُلماءُ غيره. وَإِنما القصْدُ نفْيُ الأَكْمل، لا
نفْيُ الأَصْل.
الجواب السادِس: أَن إِباحَةَ رِبا
الفَضل في حديث أُسامةَ المذْكُورِ، إِنما هي بدَلالةِ المفْهوم، وَتحْرِيمه
بالأَحاديث الأُخْرَى بدَلالةِ المنطُوق، وَلا شَكَّ أَن دَلالةَ المنطُوق مقدَّمةٌ
على دَلالةِ المفْهوم.
هذا ما أُجِيب به عن
حديث أُسامةَ، وَكُل جواب منها يَكْفِي بمفْرَدِه لرَدِّ الاستدْلال بحَمدِ الله،
ولكن كُلما تكَاثَرَت الأَجْوِبةُ كان أَقوَى في الرَّدِّ وَأَقطَعُ لحُجَّةِ
الخَصْم.
وَأَما الإِجَابةُ
عَما رُوِيَ عن ابن عُمرَ وَابن عَباس أَنهما قالا: بجَوَازِ رِبا الفَضل فهي أَن
يُقال: أَنهما قالا ذلك باجتهادهما. ثُم لما بلغَهما حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم في منعِه رَجَعَا عن رَأْيِهما. فَلم يَبق أَيُّ شُبهةٍ في تحريم رِبا
الفَضل، وَصَحَّت حِكَايَةُ الإِجماع على تحْرِيمه كَما سبق.
هل جَوْدَةُ أَحَدِ
الجِنسيْن الرِّبوِيَّيْن تبرِّرُ الزيَادة من الجِنس الرَّدِيءِ؟
لا تكُون جَوْدَةُ أَحَدِ الجِنسيْن مبرِّرَةً للزيَادة إِذَا بيعَ أَحَدُهما بالآخَرِ، وَالأَصْل في هذا حديث أَبي سعِيدٍ وَأَبي هرَيرة رضي الله عنهما أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعْمل رَجُلاً على خَيْبرَ فَجَاءَه بتمرٍ جَنيب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أَكُلُّ تمرِ خَيْبرَ هكذا؟ قال: لا، وَالله يَا رسول الله إِنا لنأْخُذُ الصَّاعَ من هذا بالصَّاعَيْن وَالصَّاعَيْن بالثَّلاثَةِ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَفْعَلْ، بِعِ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا» ([1]).
([1])أخرجه: البخاري رقم (2089)، ومسلم رقم (1593).