×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَهذا لا يجُوز باتفَاق المسلمين. وَقال أَبو حُنيِفَةَ وَالشافعيُّ: هذا يجُوز وهو اخْتيَارُ أَبي محَمدٍ المقدِسي من أَصْحَاب أَحمد؛ لأَن البائِعَ إِنما يَستحِق الثَّمن في ذِمةِ المشتري، وَبه اشْترَى، فَأَشْبه ما لوْ قبضه ثُم اشْترَى من غيره». وقد عَلل الشَّيْخُ المنعَ؛ بأَن الثَّمن لم يُقبض، فَكَأَنه قد باعَ الرِّبوِيَّ بالرِّبوِيِّ إِلى أَجَل متفَاضلا، وَهذه الصُّورَةُ لا تجُوزُ بالإِجماع. فَكَذَا ما شَابهها وهي مسأَلتنا - وَعَلَّل صاحب الكَشَّافِ المنعَ؛ بأَنه ذَرِيعَةٌ على بيْعِ الرِّبوِيِّ بالرِّبوِيِّ نسيئَةً، وَيكون الثَّمن المعَوَّض عنه بيْنهما كَالمعْدُوم؛ لأَنه لا أَثَرَ له. وَالشَّيْخُ - تقيُّ الدِّين - حَكَى الخِلافَ وَلم يُرَجِّحْ، ولكن مما لا شَكَّ فيه أَن الخُرُوجَ من الخِلافِ وَالاحْتيَاط أَمرٌ مطْلوب وَمرَغَّب فِيه، وَالله أَعْلم.

رِبا القرْض:

المشْهورُ أَن الرِّبا يَنقسم إِلى قسميْن: رِبا نسيئَةٍ وَرِبا فَضل. وَبعضهم يَزِيدُ قسمًا ثَالثًا هو رِبا القرْض، المشروط فيه جَرُّ نفْعٍ. قال ابن حَجَرٍ المكِّيُّ في «الزَّوَاجِرِ عن اقترَافِ الكبائر» (1، 180): لكِنه في الحَقيقةِ يَرْجِعُ إِلى رِبا الفَضل؛ لأَنه الذي فيه شرط يَجُرُّ نفْعًا للمقرِض؛ فَكَأَنه أَقرَضه هذا الشَّيْءَ بمثْله مع زيَادة ذلك النفْعِ الذي عَادَ إِليْه. انتهى. وَلعَل وِجْهةَ من عَدَّه قسمًا مستقلاً هي أَن القرْض عَقدٌ مستقل، وَله أَحْكَام خَاصَّةٌ به.


الشرح