وَتعَقب ذلك الإِمام
الشَّوْكَانيُّ فقال: وَيُرَدُّ عَليْهم يَعْني المالكِيَّة بحديث جَابرٍ قال: «أَتَيْتُ
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَانِي
وَزَادَنِي» ([1]).
فَإِنه صَرَّحَ بأَن
النبي صلى الله عليه وسلم زَادَه. وَالظَّاهرُ أَن الزيَادة كَانت في العَدَدِ،
وقد ثَبت في روَاية البخَارِيِّ أَن الزيَادة كَانت قيرَاطًا.
وَهذا التفْصِيل في
حُكْم النفْعِ الذي يَجُرُّه القرْض من زيَادة أَو غيرها إِذَا بذَل هذا النفْعَ
عند القضاءِ، أَما إِذَا بذَل قبل القضاءِ بأَن أُهدِيَ إِليْه هدِيَّةٌ فَلا
يَحِل له قبولها مطْلقا.
قال شَيخ الإِسلام
ابن تيميَّة: فَنهى النبي صلى الله عليه وسلم هو وَأَصْحَابه المقرِض عن قبول
هدِيَّةِ المقترِض قبل الوَفَاءِ؛ لأَن المقصُودَ بالهدِيَّةِ أَن يُؤَخِّرَ
الاقتضاءَ، وَإِن كان لم يشتَرط ذلك وَلم يَتكَلم به. فَيَصِيرُ بمنزِلةِ أَن
يَأْخُذَ الأَلفَ بهدِيَّةٍ ناجِزَةٍ وَأَلفٍ مؤَخَّرَةٍ، وَهذا رِبا. وَلهذا
جَازَ أَن يَزِيدَ عند الوَفَاءِ وَيُهدِي له بعد ذلك لزَوَال معنى الرِّبا. وَمن
لم يَنظُرْ إِلى المقاصِدِ في العُقودِ أَجَازَ مثْل ذَلكَ، وَخَالفَ بذلك سنةَ
رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهذا أَمرٌ بيِّن، وَقال ابن القيِّم: فَنهي النبي
صلى الله عليه وسلم هو وَأَصْحَابه المقرِض عن قبول هدِيَّةِ المقترِض قبل
الوَفَاءِ؛ فَإِن المقصُودَ بالهدِيَّةِ أَن يُؤَخِّرَ الاقتضاءَ وَإِن كان لم
يشتَرط ذلك سدًّا لذَرِيعَةِ الرِّبا.
وَيُفَصِّل العَلامةُ الشَّوْكَانيُّ في ذلك فَيقول: وَالحَاصِل أَن الهدِيَّةَ وَالعَارِيَةَ وَنحْوَهما إِذَا كَانت لأَجْل التنفِيس من أَجَل الدَّيْن، أَو لأَجْل رِشْوَةِ صاحب الدَّيْن، أَو لأَجْل أَن يكون لصاحب الدَّيْن منفَعَةٌ في مقابل دَيْنه، فَذلك محَرَّم؛ لأَنه نوع من الرِّبا أَو رِشْوَةٍ - وَإِن كان ذلك لأَجْل
([1])أخرجه: البخاري رقم (432)، ومسلم رقم (715).