وَكذلك إِذَا توَاطَأَ على ذلك في أَصَحِّ قوْلي
العُلماءِ. وقد صَحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال: «لاَ يَحِلُّ
سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلاَ شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلاَ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ،
وَلاَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ» ([1]).
حَرَّم النبي صلى الله عليه
وسلم الجَمعَ بيْن السلفِ وَالبيْعِ؛ لأَنه إِذَا أَقرَضه وَباعَه حَاباه في البيْعِ
لأَجْل القرْض، وَكذلك إِذَا أَجَّرَه وَباعَه وما يُظْهرُونه من بيْعِ الأَمانةِ
الذي يَتفِقون فيه على أَنه إِذَا جَاءَه بالثَّمن أَعَادَ إِليْه المبيعَ. هو
باطِل باتفَاق الأَئمة، سوَاءٌ شرطه في العَقدِ أَو توَاطَأَ عليه قبل العَقدِ.
على أَصَحِّ قوْليِ العُلماءِ. وَالوَاجِب في مثْل هذا أَن يُعَادَ العَقارُ إِلى
رَبه وَالمال إِلى رَبه، وَيُعَزَّر كُلٌّ من الشَّخْصَيْن إِن كَانا عَلما
بالتحْرِيم.
وَالقرْض الذي يَجُرُّ
منفَعَةً قد ثَبت النهيُ عنه عن غير وَاحِدٍ من الصَّحابة الذين ذَكَرَهم السائِل،
وَغَيْرُهم - كَعَبدِ الله بن سلام - وَأَنس بن مالكٍ، وَرُوِيَ ذلك مرْفُوعًا
إِلى النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى.
فَشرط المنفَعَةِ في مقابلةِ
القرْض، أَو التوَاطُؤ عَليْها من غير اشْترَاطٍ ظَاهرٍ حَرَام، وَكذلك الاحْتيَال
على حُصُول هذه المنفَعَةِ كَما في هذه المسأَلة وَغَيْرِها من الحِيَل حَرَام،
وَالله أَعْلم.
المسأَلة الثَّانيَةُ:
مسأَلة السفْتجَةِ: يَتعَلق بمبحَثِ
النفْعِ الذي يَجُرُّه القرْض أَيضًا مسأَلة السفْتجَةِ المشْهورَةِ عند
الفُقهاءِ.
السفْتجَةُ بالسين المهملةِ وَالتاءِ وَإِسكَان الفَاءِ بيْنهما وَبالجِيم: كِتاب يَكْتبه المستقرِض للمقرِض إِلى نائِبه ببلدٍ آخَرَ ليُعْطِيَه ما أَقرَضه – وهي
([1])أخرجه: أبو داود رقم (3504)، والترمذي رقم (1234)، والنسائي رقم (4611)، وابن ماجه رقم (2188)، وأحمد رقم (6671).