قال شَيخ الإِسلام ابن
تيمية رحمه الله: وَأَما العَرَايَا فَإِن النبي صلى الله عليه وسلم استثْناها مما
نهى عنه من المزَابنةِ - أَن يَشْترِيَ الرُّطَب في الشَّجَرِ بخَرْصِه من التمرِ.
وَيشتَرط لإِباحَةِ بيْعِ العَرَايَا خَمسةُ شروط هيَ:
1- أَن يَبيعَها
خَرْصًا بمثْل ما تؤُول إِليْه إِذَا جَفَّت كَيْلا لا جُزَافًا؛ لأَن الأَصْل
اعْتبارَ الكَيْل من الجَانبيْن. فَسقطَ في أَحَدِهما وَأُقيم الخَرَصُ مقامه
للحَاجَةِ فَيَبقى الآخَرُ على مقتضى الأَصْل.
2- أَن يكون مقدَارُ
العَرِيَّةِ فِيما دُون خَمسةِ أَوْسق؛ لقول أَبي هرَيرة: «أَنَّ النَّبِي صلى
الله عليه وسلم رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا، أَنْ تُبَاع بِخَرْصِهَا فِيمَا
دُونَ خَمْسَةِ أَوْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» شَكَّ داود بن الحُصَيْن - أَحَدُ
رُوَاته - ([1]). فَلا تجُوزُ في
الخَمسةِ؛ لوُقوعِ الشَّكِّ فِيها؛ وَالوَسق: ستون صَاعًا بالصَّاعِ النبوِيِّ.
3- أَن يكون المشتري
محْتاجًا إِلى الرُّطَب؛ لما ذَكَرَه الشافعيُّ في اخْتلافِ الحديث عن محمود بن
لبيدٍ قال: قلت لزَيدِ بن ثَابت: ما عَرَايَاكُم هذِه؟ قال: فُلان وَأَصْحَابه
شَكُوا إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن الرُّطَب يَحْضرُ وَليس عِندَهم
ذَهب وَلا فضة يَشْترُون بها منه، وَعِندَهم فَضل تمرٍ من قُوت سَنَتهم، فَرَخَّصَ
لهم أَن يَشْترُوا العَرَايَا بخَرْصِها أَيْ: بتقدِيرِها وَبحَزْرِها من التمرِ
يَأْكُلونها رُطَبا، قال الشافعيُّ: وَحديث سفْيَان يدل لهذَا، فَإِن قوْلكَ «يَأْكُلونها
رُطَبا» يُشْعِر بأَن مشتري العَرِيَّة يَشْترِيها ليَأْكُلها. وَأَنه ليس له
رُطَب يَأْكُله غيرها.
4- أَن يكون مشتري العَرِيَّة لا ثَمن معَه. كَما في حديث محمود بن لبيدٍ المذْكُورِ.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2253)، ومسلم رقم (1541).