×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 5- حُصُول التقابض بيْن البائِعِ وَالمشتري - فَالمشتري يَقبض الرُّطَب على النخْلةِ بالتخْليَةِ، وَالبائِعُ يَقبض التمرَ بكَيْله وَتسلمه من المشتري.

المسأَلة الثَّانيَةُ: مسأَلة بيْعِ الحُليِّ المصَاغِ بذَهب زَائِدٍ على وَزْنه.. قال الشَّيْخُ تقيُّ الدِّين في الاخْتيَارَات الفقهية: «وَيجُوز بيْعُ المصُوغِ من الذَّهب وَالفضة بجِنسه من غير اشْترَاطِ التماثُل. وَيُجْعَل الزَّائِدُ في مقابلةِ الصَّنعَةِ، سوَاءٌ كان البيْعُ حَالاَّ أَو مؤَجَّلاً ما لم يَقصِدْ كَوْنها ثَمنا». وَمعنى قوله: «ما لم يَقصِدْ كَوْنها ثَمنا» أَيْ: لم يَقصِدْ الثَّمنيَّةَ في الحُليِّ، وَإِنما قصَدَ كَوْنه حُليًّا يُلبس كَالثِّيَاب.

وَقدْ أَفَاض العَلامةُ ابن القيِّم في هذا الموضوع؛ حيث قال: «وَأَما إِن كَانت الصِّيَاغَةُ مباحَةً؛ كَخَاتم الفضة وَحِليَةِ النساءِ وما أُبيحَ من حِليَةِ السلاحِ وَغَيْرِها، فَالعَاقل لا يَبيعُ هذه بوَزْنها من جِنسها؛ فَإِنه سفَه وَإِضاعَةٌ للصَّنعَةِ. وَالشَّارِعُ أَحْكَم من يُلزِم الأُمةَ بذَلكَ، فَالشَّرِيعَةُ لا تأْتي به، وَلا تأْتي بالمنعِ من بيْعِ ذلك وَشِرَائِه لحَاجَةِ الناس إِليْه، فَلم يَبق إلاَّ أَن يُقال لا يجُوز بيْعُها بجِنسها أَلبتةَ، بل يَبيعُها بجِنس آخَرَ، وَفِي هذا من الحَرَجِ وَالعُسرِ وَالمشَقةِ ما تنفِيه الشَّرِيعَةُ. فَإِن أَكْثَرَ الناس ليس عِندَهم ذَهب يَشْترُون به ما يَحْتاجُون إِليْه من ذلك. وَالبائِعُ لا يَسمحُ ببيْعِه ببرٍّ وَشعير وَثِيَاب. وَتكْليفُ الاستصْناعِ لكل من احْتاجَ إِليْه؛ إِما متعَذَّرٌ أَو متعَسرٌ. وَالحِيَل باطِلةٌ في الشَّرع. وقد جَوَّزَ الشَّارِعُ بيْعَ الرُّطَب بالتمرِ لشَهوَةِ الرُّطَب. وَأَيْن هذا من الحَاجَةِ إِلى بيْعِ المصُوغِ الذي تدْعُو الحَاجَةُ إِلى بيْعِه وَشِرَائِه؟ فَلم يَبق إلاَّ جَوَازُ بيْعٍ كَما تباعُ السلعُ، فَلوْ لم يَجُزْ بيْعُه بالدَّرَاهم فَسدَت مصَالحُ الناس.


الشرح