×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وَهذا هو الصحيح بل الصَّوَاب، وَعَلل لذلك بأَمرَيْن:

الأَمرِ الأَوَّل: أَنهم أَجْمعُوا على جَوَازِ إِسلامهما في الموْزُونات من النحَاس وَالحَدِيدِ وَغَيْرِهما من الموْزُونات، فَلوْ كان النحَاس وَالحَدِيدُ رِبوِيَّيْن لم يَجُزْ بيْعُهما إِلى أَجَل بدَرَاهم نقدًا، فَإِن ما يَجْرِي فيه الرِّبا إِذَا اخْتلفَ جِنسه جَازَ التفَاضل فيه دُون النَّساءِ، وَالعِلةُ إِذَا انتقضت من غير فَرْق مؤَثِّرٍ دَل على بطْلانها.

الأَمرُ الثَّاني: أَن التعْليل بالوَزْن ليس فيه مناسبةٌ، فهو طَرْدٌ محْض بخِلافِ التعْليل بالثَّمنيَّةِ؛ فَإِن الدَّرَاهم وَالدَّنانيرَ أَثْمان المبيعَات، وَالثَّمن: هو المعْيَارُ الذي يُعْرَفُ به تقوِيم الأَعْمال. أ هـ.

وَقال شَيخ الإِسلام ابن تيميَّة: وَالأَظْهرُ أَن العِلةَ في ذلك هي الثَّمنيَّةُ، لا الوَزْن. انتهى.

وَبناءً على هذا القوْل فَإِنه يَجْرِي الرِّبا في الأَوْرَاق النقدِيَّةِ المتعَامل بها في هذا العَصْرِ. وقد جَاءَ في قرَارِ هيْئَةِ كِبارِ العلماء في المملكَةِ العَرَبيَّةِ السعُودِيَّةِ حَوْل هذا الموضوع ما نصُّه: «وَحيث إِن القوْل باعْتبارِ مطْلق الثَّمنيَّةِ عِلةٌ في جَرَيَان الرِّبا في النقدَيْن هو الأَظْهرُ دَليلا وَالأَقرَب إِلى مقاصِدِ الشَّرِيعَةِ وهو إِحْدَى الرِّوَايَات عن الأَئمة: مالكٍ وَأَبي حَنيفَةَ وأَحمد. قال أَبو بكْرٍ: رَوَى ذلك عن أَحمد جماعةٌ كَما هو اخْتيَارُ بعض المحَققين من أَهل العلم كَشَيْخِ الإِسلام ابن تيمية وَتلميذِه ابن القيِّم وَغَيْرِهما. وَحيث إِن الثَّمنيَّةَ متحَققةٌ بوُضوحٍ في الأَوْرَاق النقدِيَّةِ، لذلك كُله فَإِن هيْئَةَ كِبارِ العلماء تقرِّرُ بأَكْثَرِيَّتها: أَن الوَرَق النقدِيَّ يُعْتبرُ نقدًا قائِمًا بذَاته، كَقيَام النقدِيَّةِ في الذَّهب وَالفضة، وَغَيْرِهما من الأَثْمان، وَأَنه أَجْناس تتعَدَّدُ بتعَدُّدِ جِهات الإِصْدَارِ، بمعنى أَن: الوَرَق


الشرح