×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 دَرْءَ المفْسدَةِ مقدَّم على جَلب المصْلحَةِ. وَقوله: إِن رِبا الفَضل أُبيحَ منه ما تدْعُو الحَاجَةُ إِليْه، كَمسأَلة العَرَايَا، وَأَجَازَ كَثِيرٌ من أَهل العلم بيْعَ الحُليِّ من الذَّهب أَو الفضة بمثْله متفَاضلا.

يُجَاب عنه بأَن العَرَايَا قد استثْناها النبي صلى الله عليه وسلم مما نهى عنه من المزَابنةِ وهي أَن يُشْترَى الرُّطَب في الشَّجَرِ بخَرْصِه من التمرِ؛ لأَنه إِذَا لم يُعْلم التماثُل في ذلك لم يَجُزِ البيْعُ، وَلهذا يقول الفُقهاءُ: الجَهل بالتساوِي كَالعِلم بالتفَاضل، وَالتماثُل يُعْلم بالوَزْن وَالكَيْل، وَأَما الخَرَصُ فَيُعْمل به عند الحَاجَةِ؛ فَالعَرَايَا رُخْصَةٌ رَخَّصَ فيها الشَّارِعُ تقدَّرُ بما وَرَدَ به النصُّ فَقطْ، وَليس فيها تفَاضل محَقق، بل يَجْتهدُ في خَرْصِها وَتماثُلها، فَإِن حَصَل بعد ذلك فيها تفَاضل فهو غير متعَمدٍ، ثُم هل بلغَت الحَاجَةُ إِلى التفَاضل في الأَوْرَاق النقدِيَّةِ مبلغَ الحَاجَةِ إِلى العَرَايَا التي رَخَّصَ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ وَأَما مسأَلة إِجَازَةِ بعض العلماء بيْعَ الحُليِّ المصُوغِ من الذَّهب أَو الفضة بمثْله متفَاضلا، فهي مسأَلة اجتهاديَّةٌ تفْتقرُ إِلى دَليل، وَلا يَصِحُّ أَن تُتَخذ دَليلاً لما نحن فِيه، وَالله أَعْلم.

2- عِلةُ الرِّبا في بقيَّةِ الأَصْنافِ المنصُوصَةِ وَهيَ: البرُّ وَالشعير وَالتمرُ وَالملحُ:

اخْتلفُوا في ذلك على أَقوَال:

القوْل الأَوَّل: أَن عِلةَ رِبا الفَضل فيها الاقتيَات وَالادِّخَارُ وَهذا قوْل المالكِيَّةِ.

أَيْ مجموع الأَمرَيْن؛ فَالطعام الرِّبوِيُّ ما يُقتات وَيُدَّخَرُ - أَيْ ما تقوم به البنيَةُ عند الاقتصَارِ عَليْه؛ وَيُدَّخَرُ إِلى الأَمدِ المبتغَى منه عَادَةً وَلا يَفْسدُ بالتأْخِيرِ؛ وَهل يشتَرط مع ذلك كَوْنه متخَذًا لغَلبةِ العَيْشِ؟


الشرح