×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 وَالذي يَظْهرُ لي جَوَازُ مسأَلة التوَرُّق إِذَا حَصَلت من غير توَاطُؤٍ مع طَرَفٍ ثَالثٍ وهو المشتري الأَخِيرُ لأَنها حِينئِذٍ تفْترِق عن العَيِنةِ. وَكذلك لا بد أَن تكُون السلعَةُ موْجُودَةً في ملكِ البائِعِ الأَول حِيْن العَقدِ - وَالله أَعْلم -.

4- النهيُ عن بيْعِ كُل رُطَب من حَب وَتمرٍ بيَابسه - عن سعْدِ بن أَبي وَقاصٍ قال: سمعْت النبي صلى الله عليه وسلم يَسأَل عن شِرَاءِ التمرِ بالرُّطَب فقال لمن حَوْله: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ ([1]).

قال الشَّوْكَانيُّ: قوله: «أَيْنقصُ» الاستفْهام هاهنا ليس المرَادُ به حَقيقته أَعْني طَلب الفَهم لأَنه صلى الله عليه وسلم كان عَالمًا بأًنه يَنقصُ إِذَا يَبس، بل المرَادُ تنبيه السامعِ بأَن هذا الوَصْفَ الذي وَقعَ عنه الاستفْهام هو عِلةُ النهيِ، وَمن المشْعِرَات بذلك الفَاءُ في قوله: «فَنهى عن ذَلكَ». وَيُستفَادُ من هذا عَدَم جَوَازِ بيْعِ الرُّطَب بالرُّطَب؛ لأَن نقصَ كُل وَاحِدٍ منهما يَحْصُل العِلم بأَنه مثْل نقصِ الآخَرِ وما كان كذلك فهو مظَنةُ الرِّبا. أ هـ.

وَقال الخَطَّابيُّ في معَالم السنن: وَذلك أَن كُل شَيْءٍ من المطْعُوم مما له ندَاوَةٌ وَلجَفَافِه نهايَةٌ، فَإِنه لا يجُوز رُطَبه بيَابسه كَالعِنب وَالزَّبيب وَاللحْم النيِّئِ بالقدِيدِ وَنحْوِهما؛ وَكذلك على هذا المعنى لا يجُوز منه الرُّطَب بالرُّطَب، كَالعِنب بالعِنب وَالرُّطَب بالرُّطَب؛ لأَن اعْتبارَ المماثَلةِ إِنما يَصِحُّ فِيهما عند أَوَان الجَفَافِ، وَهما إِذَا تناهى جَفَافُهما كَانا مختلفيْن لأَن أَحَدَهما قد يكون أَرَق وَأَكْثَرَ مائِيَّةً من الآخَرِ،


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (3359)، والترمذي رقم (1225)، وابن ماجه رقم (2264)، وأحمد رقم (1515).