الحالةُ الثَّانيةُ: إذا لم يكن لها عادةٌ معروفةٌ لكنْ دمها مُتميِّز بعضُه يحمل صفةَ الحيض، بأن يكون أسود أو ثخينًا أو له رائحةٌ، وبَقِيَّتُه لا تحمل صفةَ الحيض، بأن يكون أحمر ليس له رائحةٌ ولا ثخينًا، ففي هذه الحالةِ تعتبر الدَّم الذي يحمل صفة الحيض حيضًا؛ فتجلس وتدع الصَّلاة والصِّيام، وتعتبر ما عداه اسْتِحاضةً تغتسل عند نهاية الدَّم الذي يحمل صفة الحيض، وتُصلِّي وتصوم وتعتبر طاهرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ: «إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلاَةِ، فَإِذَا كَانَ الآْخَرُ فَتَوَضَّئِي وَصَلِّي» ([1])ففيه أن المُسْتَحاضة تعتبر صفة الدَّم فتُميِّز بها بين الحيض وغيرِه.
الحالةُ الثَّالثةُ: إذا لم يكن لها
عادةٌ تعرفها ولا صفةٌ تُميِّز بها الحيضَ من غيره، فإنها تجلس غالب الحيض ستة
أيامٍ أو سبعة أيامٍ من كلِّ شهر؛ لأن هذه عادة غالب النِّساء.
لقوله صلى الله عليه
وسلم لحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ: «إِنَّمَا هِيَ رَكْضَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ
فَتَحَيَّضِي سِتَّةَ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ اغْتَسِلِي، فَإِذَا
اسْتَنْقَأْتِ فَصَلِّي أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَوْ ثَلاَثةً
وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَأَيَّامَهَا، وَصُومِي وَصَلِّي؛ فَإِنَّ ذَلِكِ
يُجْزِئُكِ، وَكَذَلِكِ فَافْعَلِي، كَمَا تَحِيضُ النِّسَاءُ» ([2]).
والحاصل مما سبق: أن المُعْتادة تُرَدُّ إلى عادتها. والمُمَيِّزة تُرَدُّ إلى العمل بالتَّمييز. والفاقِدةُ لهما تحيض ستًّا أو سبعًا. وفي هذا جمعٌ بين السُّنن الثلاثِ الواردةِ عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم في المُسْتَحاضة.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (280)، والنسائي رقم (215)، وابن ماجه رقم (620)، والحاكم رقم (618).