×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

ثالثًا: النِّفاسُ وأحكامُه:

النِّفاس: هو الدَّم الذي ينزل من الرَّحِم للوِلادة وبعدها. وهو بقيَّة الدَّمِ المُحْتَبِسِ وقت الحَمْل في الرَّحِم، فإذا ولدت خرج هذا الدَّم شيئًا فشيئًا. وما تراه قبل الوِلادة من خروج الدَّم مع أمارة الوِلادة فهو نِفاسٌ، وقيَّده الفُقهاء بيومين أو ثلاثةٍ قبل الولادة. والغالب أن بدايته تكون مع الوِلادة، والمُعتبَر ولادة ما تبيَّن فيه خَلْق إنسانٍ. وأقل مُدَّةٍ يتبيَّن فيها خَلْق الإنسان واحدٌ وثمانون يومًا، وأغلبها ثلاثة أشْهُرٍ. فإذا سقط منها شيءٌ قبل هذه المُدَّةِ وحصل معه دمٌ، فإنها لا تَلْتَفِت إليه ولا تدعُ الصَّلاةَ والصِّيامَ من أجله؛ لأنه دم فسادٍ ونزيفٍ، فيكون حُكْمها حُكْمَ المُسْتَحاضة. وأكثر مُدَّة النِّفاس في الغالب أربعون يومًا ابتداءً من الوِلادة أو قبلها بيومين أو ثلاثةٍ كما سبق؛ لحديث أُمِّ سَلَمَة رضي الله عنها: «كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعِينَ يَوْمًا» ([1]).

وأجمعَ على ذلك أهل العلم كما حكاه التِّرْمِذِيُّ وغيرُه. ومتى طهُرت قبل الأربعين بأنِ انْقطع عنها خروج الدَّم فإنها تغتسل وتُصلِّي فلا حَدَّ لأقلِّه؛ لأنه لم يَرِد تحديده، وإذا تمَّت الأربعون ولم ينقطع عنها خروج الدَّم فإن صادف عادةَ حيضِها فهو حيضٌ. وإن لم يصادف عادةَ الحيض واستمرَّ ولم ينقطع، فهو اسْتِحاضةٌ لا تترك من أجله العبادة بعد الأربعين، وإن زاد عن الأربعين ولم يستمرَّ ولم يصادف عادةً، فمحلُّ خلافٍ.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (312)، والترمذي رقم (139)، وابن ماجه رقم (648)، وأحمد رقم (26562).