×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

(ب) الحِجاب:

الحِجاب معناه: أن تستُر المرأة جميع بدَنها عن الرِّجال الذين ليسوا من محارمها كما قال تعالى: ﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَآئِهِنَّ أَوۡ ءَابَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآئِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَآءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَٰنِهِنَّ [النور: 31]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلۡتُمُوهُنَّ مَتَٰعٗا فَسۡ‍َٔلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٖۚ [الأحزاب: 53] المراد بالحِجاب ما يستُر المرأة من جِدارٍ أو بابٍ أو لِباسٍ. ولفظ الآية وإن كان واردًا في أزواج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فإن حُكْمه عامٌّ لجميع المؤمنات؛ لأنه علَّل ذلك بقوله تعالى: ﴿ذَٰلِكُمۡ أَطۡهَرُ لِقُلُوبِكُمۡ وَقُلُوبِهِنَّۚ [الأحزاب: 53] وهذه عِلَّةٌ عامةٌ. فعموم عِلَّته دليلٌ على عموم حُكْمه. وقال تعالى ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ [الأحزاب: 59] قال شَيْخ الإِْسْلاَمِ ابْنُ تَيْمِيَّة رحمه الله في «مجموع الفتاوى»: «والجِلْباب هو المُلاَءَة وهو الذي يسميه ابْنُ مَسْعُودٍ وغيرُه الرِّداء وتُسمِّيه العامة الإزَار. وهو الإزار الكبيرُ الذي يُغطِّي رأسها وسائر بَدَنها. وقد حكى أَبُو عُبَيْدَةَ وغيرُه أنها تُدنيه من فوق رأسها فلا تُظهر إلاَّ عينَها ومن جنسه النِّقاب». انتهى.

ومن أدلة السُّنَّة النَّبوِيَّةِ على وجوب تَغْطِية المرأة وجهها من غير محارمها - حديث عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا جَازُوا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1833)، وابن ماجه رقم (2935)، وأحمد رقم (24021).