×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

وقال في «المغني»: «والسَّعي تبعٌ للطَّواف لا يصحُّ إلاَّ أن يتقدمه طوافٌ. فإن سعى قبله لم يصحَّ وبذلك قال مَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وأصحابُ الرَّأي. وقال عَطَاءٌ: يُجزئه. وعن أَحْمَدَ: يُجزئه إن كان ناسيًا. وإن كان عمدًا لم يجزئه سعيه؛ لأن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا سُئل عن التَّقديم والتَّأخير في حال الجهل والنِّسيان قال: لاَ حَرَجَ. ووجه الأول أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما سعى بعد طوافه وقد قال: «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ([1]) انتهى.

فعُلِم مما سبق أن الحديث الذي استدلَّ به من قال بصحة الطَّواف قبل السَّعي لا دلالة فيه؛ لأنه محمولٌ على أحد أمرين: إمَّا أنه فيمن سعى قبل الإفاضة، وكان قد طاف للقدوم؛ فيكون سعيه واقعًا بعد طواف، أو أنه محمولٌ على الجاهل والنَّاسي دون العامد. وإنما أطلت في هذه المسألة؛ لأنه قد ظهر الآن من يُفتي بجواز السَّعي قبل الطَّواف مطلقًا. والله المستعان.

تنبيه:

لو طافت المرأة وبعد أن انتهت من الطَّواف أصابها الحيض، فإنها في هذه الحالة تسعى؛ لأن السَّعي لا تُشترط له الطَّهارةُ. قال في «المغني»: «أكثر أهل العلم يرون أن لا تُشترط الطَّهارةُ للسَّعي بين الصَّفا والمَرْوةِ، وممن قال ذلك عَطَاءٌ ومَالِكٌ والشَّافِعِيُّ وأَبُو ثَوْرٍ وأصحابُ الرَّأي. إلى أن قال: قال أبو دَاوُدَ: «سمعت أَحْمَدَ يقول: إذا طافت المرأة بالبيت ثم حاضت سعت بين الصَّفا والمَرْوةِ ثم نفرت،


الشرح

([1])أخرجه: مسلم رقم (1297).