×
بُحُوثٌ فِقْهيَّةٌ في قضايا عصرية

 أن ينفر عنها، أو يعرض عنها، فلها أن تسقط عنه حقَّها أو بعضه من نفقةٍ أو كِسوةٍ أو مبيتٍ أو غيرِ ذلك من حقوقها عليه. وله أن يقبل ذلك منها، فلا حرج عليها في بذلها ذلك له، ولا حرج عليه في قبوله منها؛ ولهذا قال: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَآ أَن يُصۡلِحَا بَيۡنَهُمَا صُلۡحٗاۚ وَٱلصُّلۡحُ خَيۡرٞۗ وَأُحۡضِرَتِ ٱلۡأَنفُسُ ٱلشُّحَّۚ وَإِن تُحۡسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٗا [النساء: 128] أي خير من الفراق. ثم ذكر قصة سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، رضي الله عنها، وأنها لما كبِرت، وعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراقها، صالحته على أن يُمسكها ويتركَ يومها لعَائِشَةَ فقبِل ذلك منها وأبقاها على ذلك».

إذا كانت المرأة مُبغضةٌ للزَّوج ولا تُريد البقاء معه فماذا تفعل:

يقول الله تعالى: ﴿فَإِنۡ خِفۡتُمۡ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِمَا فِيمَا ٱفۡتَدَتۡ بِهِۦۗ [البقرة: 229]، قال الحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رحمه الله في «تفسيره»: «وأمَّا إذا تشاقق الزَّوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرَّجل، وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها له، ولا حرج عليه في قبول ذلك منها». انتهى. وهذا هو الخُلْع.

إذا طلبت منه الفراق من غير عُذْرٍ فماذا عليها من الوعيد:

عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلاَقَهَا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ، فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» ([1]).

وذلك لأن أبغض الحلال إلى الله الطَّلاق. وإنما يصار إليه عند الحاجة. أمَّا بدونها فإنه مكروه لما يترتب عليه من الأضرار التي


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (2226)، والترمذي رقم (1187)، وابن ماجه رقم (2055).