ومن فضائله رضي الله عنه أن النَّبي صلى الله عليه وسلم اتخذه كاتبًا للوحي، فكان من جملة كتّاب الوحي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يختار الله لكتابة الوحي لرسوله إلاَّ الأمين، فهو من كتّاب الوحي رضي الله عنه وقد جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتولى الإمارة على الشام في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولما حصلت الفتنة في خلافة علي رضي الله عنه وقُتل علي رضي الله عنه وبويع للحسن بن علي - من بعد أبيه - ورأى الحسن أن الأمر لا يتم له عند ذلك تنازل لمعاوية عن الخلافة من أجل حقن دماء المُسْلمِين وجمع الكلمة، وهذا ذكره النَّبي صلى الله عليه وسلم في خبر من المعجزات، حين قال صلى الله عليه وسلم في الحسن رضي الله عنه: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ([1]) فكان في تنازله رضي الله عنه لمعاوية مصالح عظيمة للمُسْلمِين، فاجتمعت الكلمة على معاوية، وساس معاوية رضي الله عنه النَّاس بالحكمة والسياسة الشرعية، وساسهم بالعدل - رضي الله تعالى عنه - آتاه الله العقل والحكمة والرفق بالمُسْلمِين، وصار شوكة في حلوق الفرق الضالة، شَجَى في حلوق الفرق الضالة وسد الطريق عليهم، وسُمي العام الذي تنازل فيه الحسن لمعاوية - رضي الله عن الجميع - عام الجماعة؛ لأنه انعقدت فيه الجماعة وتوحدت فيه الكلمة، وذلك لفضل الحسن - رضي الله تعالى عنه - آثر مصلحة المُسْلمِين وجمع كلمة المُسْلمِين على مصلحته هو، تحقق فيه قول الرَّسُول: «وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ».
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2704).
الصفحة 2 / 304