وقوله
تعالى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ [الملك: 16].
*****
فأهل السنة والجماعة
يؤمنون باستوائه على عرشه، ويقولون: الاستواء يأتي في القُرْآن على معانٍ: يأتي
لازمًا غير متعدٍ، وذلك كما في قوله عن موسي عليه السلام: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ﴾ [القصص: 14] ومعناه الكمال
والتمام، وإذا عُدِّي بإلى ﴿ٱسۡتَوَىٰٓ إِلَى ٱلسَّمَآءِ﴾ [البقرة: 29] فمعناه القصد، وإن
عُدِّي بالواو فمعناه المساواة، تقول: استوى الماء والخشبة، بمعنى تساويا، استوى
فلان وفلان بمعنى تساويا، وإذا عُدِّي بعلى فمعناه الارتفاع، كما قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِي خَلَقَ
ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ
١٢ لِتَسۡتَوُۥاْ
عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ
عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ
مُقۡرِنِينَ﴾ [الزخرف: 12- 13] أي: ترتفعوا عليها،
وتستقروا على ظهور الفُلك وظهور الأنعام في السفر، ومنه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى
ٱلۡعَرۡشِۖ﴾ [الأعراف: 54] يعني: ارتفع وعلا وصَعِد سبحانه وتعالى، وكل هذا
على ما يليق بجلاله ليس مثل صعود المخلوق أو علو المخلوق على المخلوق أو استواء
المخلوق على المخلوق، هناك فرق بين استواء المخلوق واستواء الخالق جل وعلا.
وقوله تعالى: ﴿ءَأَمِنتُم مَّن فِي
ٱلسَّمَآءِ أَن يَخۡسِفَ بِكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ١٦ أَمۡ
أَمِنتُم مَّن فِي ٱلسَّمَآءِ أَن يُرۡسِلَ عَلَيۡكُمۡ حَاصِبٗاۖ فَسَتَعۡلَمُونَ
كَيۡفَ نَذِيرِ﴾ [الملك: 16- 17]: ﴿ٱلسَّمَآءِ﴾المراد بها العلو،
فمن في السَّمَاء؛ أي: في العلو، وتكون «في» بمعنى «على»؛ ﴿فِي
ٱلسَّمَآءِ﴾ يعني: «في العلو»
على ظاهرها، أما إذا أُريد بالسَّمَاء السَّمَاء المبنية التي هي السبع الطباق
فتكون ﴿فِي ٱلسَّمَآءِ﴾ يعني: «على السَّمَاء»؛ لأن «في» تأتي بمعنى «على» مثل قوله: ﴿فَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [النحل: 36] يعني: على
الصفحة 1 / 304