×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

وجوب الحج والجهاد مع كل إمام برًّا كان أو فاجرًا، ونرى الحج والجهاد ماضيين مع كل إمام

****

 قَالَ: «وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ وَإِنْ رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ» فَكَانَ رضي الله عنه يروي هذه الكلمة ويرددها: «وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ» ([1]).

فمن أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة وجوب الطَّاعَة لولاة أمور المُسْلمِين وتحريم الخروج عليهم ومعصيتهم ومخالفتهم في غير معصية الله سبحانه وتعالى، لما في ذلك من اجتماع الكلمة واتحاد المُسْلمِين وبقاء قوتهم، ولما في الاختلاف من الضرر على المُسْلمِين وتسلط العدو، وغيره من المحاذير.

ومن حقوق ولاة الأمور الصَّلاة خلفهم ولو كانوا فسقة، يعني: لو كان عندهم من المعاصي والكبائر ما يقتضي فسقهم ما لم يصل إلى حد الكفر، ما داموا لم يخرجوا عن الإِسْلاَم فإن ولايتهم باقية وطاعتهم واجبة، ولا يمتنع من الصَّلاة خلفهم إلاَّ مبتدع؛ لأن النَّبي صلى الله عليه وسلم أمر باجتماع الكلمة وائتلاف الأمة تحت قيادة ولي أمرها ولو كان فاسقًا في نفسه ما لم يصل إلى حد الكفر، ولو كان ظالمًا وجائرًا بأخذ المال وسفك الدماء، فإن ذلك لا يجيز مخالفته والخروج عليه.

قد صلى الصحابة رضي الله عنهم خلف الأمراء الذين عندهم معاصي ومخالفات دون الكفر والشرك كالوليد بن عقبة، والحجاج، والمختار بن عبيد، وابن زياد، وغيرهم، ولم يُذكر عن أحد من الصحابة ومن الأَئمَّة أنه ترك الصَّلاة خلفهم، لا سيما في الشعائر الكبيرة كصلاة العيدين


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5827)، ومسلم رقم (94).