×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

إن الله تعالى لا يرضى أن يُتَقرَّب إليه إلاَّ بما شرع؛ لأن الدين كَمُل - لله الحمد- ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3] فما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ بعد أن أكمل الله به الدين، فلم يبق مجال للزيادات والاستحسانات، فمن ابتدع بدعة فقد اتهم الدين بأنه ناقص، وكَذَّبَ قوله تعالى: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ} [المائدة: 3].

والبدعة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: بدعة أصلية: كأن يحدث عبادة ليس لها أصل في الدين، كإحداث بدعة الاحتفال بالمولد، هذه لا أصل لها في الدين، لا موالد للرسل ولا موالد لغيرهم من الأَوليَاء والصَّالِحين، وإن حسنوها ورغّبوا فيها وأشاعوا بأنها خير، هي بدعة وشر، هي شر وإن قالوا: إنها بدعة حسنة؛ لأن هذا مصادم لقول الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» فالبدع كلها ضلالة بنص حديث الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فالذي يدعي أن هناك بدعة حسنة مُكَذِّب لله ولرسوله، ليس في الدين بدعة حسنة، بل الدين ما شرعه الله سبحانه وتعالى، أما البدع فإنها من أهواء الشياطين.

وإذا فتحنا المجال تغير الدين بهذه الطريقة، كلٌّ يحدث ما يستحسن، وكلٌّ يعمل ما يشاء، ثم يُقضى على السنن، ولا تجتمع السنن والبدع كما جاء في الحديث: «مَا أَحْدَثَ النَّاس بِدْعَةً إلاَّ رُفِعَ مِثْلُهَا مِنَ السُّنَّةِ» ([1]) فيتحول الدين من سنن إلى بدع ومحدثات، فلا يُفتح المجال أبدًا للبدع ولا يُتساهل فيها أبدًا.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (16970).