×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

ترجمة الإمام المُوَفَّق بن قُدامة 

الشَّيخ الإمامُ القُدوة المجتهد شيخ الإِسْلاَم مُوَفَّق الدِّين أبو مُحمَّد عبد الله بن أحمد بن مُحمَّد بن قُدَامة بن مِقدام بن نصر المَقْدِسيُّ الجَمَّاعِيلِيُّ ثم الدِّمَشْقِيُّ الصَّالِحي الحنبليُّ، صاحب «المغني».

وُلد مُوَفَّق الدِّين بن قُدَامة بجَمَّاعِيل من قُرى نابُلُس بفَلَسْطِين سنة إحدى وأربعين وخمسمائة في شعبان، وهاجر مع أهل بيتهِ وأقاربهِ وله عشر سنين سنة إحدى وخمسين وخمسمائة إلى دِمَشْق، حيث تلقى أول علومه، فحفظ القُرْآن، و«مختصر الخرقي»، وقرأ على مشايخها وتفقّه، وكتب الخط الجميل، وكان من بحور العلم وأذكياء العالم.

ورحل هو وابنُ خاله الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن عليّ المقدسي، سنة إحدى وستين وخمسمائة، فكانا يخرجان معًا، ويذهب أحدهما في صُحبة رفيقه إلى دَرْسِه وسماعه، كانا شابَّيْن مُخْتَطَّين -يعني: أول ظهور الشعر في وجهيهما - وخَوَّفَهما النَّاس من أهل بغداد، وكان الحافظ عبد الغني مَيْلُه إلى الحديث، والمُوَفَّق يريد الفقه، فتفقه الحافظ، وسمع الموفق معه الكثير، فلما رآهما العقلاء على التَّصَوُّن وقِلّة المخالطة أحبُّوهما، وأحسنوا إليهما، وحَصّلا عِلْمًا جَمًّا، فأقاما ببغداد نحو أربع سنين.

نزلا أولاً عند الشَّيخ عبد القادر بن عبد الله الجِيلي الحنبلي فأحسن إليهما، وأقاما عنده بالمدرسة، واشتغلا ([1]) عليه، ثم مات الشَّيخ عبد القادر بعد قدومهما بخمسين ليلة، ثم أقاما عند ابن الجوزي،


الشرح

([1]) أي: درسًا وتعلمًا عليه.