ومن
السنة هُجران أهل البدع
****
ثانيًا: إذا عهد ولي الأمر
إلى أحد من بعده فإنه يلزم طاعته في ذلك، كما عهد أبو بكر إلى عمر.
الثالث: إذا تغلب على
المُسْلمِين بسيفه وأخضعهم لطاعته، كما حصل لعبد الملك بن مروان وغيره من ملوك
المُسْلمِين الذين يُخضعون النَّاس بالسيف حتَّى ينقادوا لهم، يلزم المُسْلمِين
طاعتهم في ذلك لأجل جمع الكلمة وتجنيب المُسْلمِين سفك الدماء واختلاف الكلمة.
بهذه الأمور الثلاثة تنعقد الولاية لولي الأمر.
قال رحمه الله: «ومن
السنة» أي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي طريقته عليه الصلاة
والسلام في أقواله وأفعاله وتقريراته، هذا هو المراد بالسنة ها هنا، وليس المراد
بالسنة المستحب؛ لأن هُجران أهل البدع ليس بمستحب فقط، وإنما هو واجب.
والسنة في الأصل
تطلق ويراد بها طريقة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وقد تطلق ويراد بها المستحب،
ولكن الغالب أن المراد بها المعنى الأول، فإذا قيل: من السنة كذا فمعناه أنه من
طريقة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم.
«هجر أهل البدع» الهجر: معناه الترك، ومنه الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإِسْلاَم فرارًا بالدين، سميت هجرة؛ لأنها ترك للأوطان من أجل الفرار بالدين من الفتنة، قال تعالى: ﴿وَٱلرُّجۡزَ فَٱهۡجُرۡ﴾ [المدثر: 5] والرُّجز: الأصنام، واهجر، يعني: اترك، أي: اترك الأصنام وعبادتها وأهلها، وقال عليه الصلاة والسلام: «وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ»([1])
الصفحة 1 / 304