×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

يعني: ترك ما نهى الله عنه، فالهجرة ترك، وهُجران أهل البدع، يعني: ترك مصاحبتهم ومجالستهم وزيارتهم والتعلم منهم، إلاَّ على طريق المناصحة والبيان، وأما على طريق المؤانسة والمحبة فإن هذا لا يجوز؛ لأن فيه رضًا بما هم عليه من البدع وتشجيعًا لهم، وفيه إقرار لهم على ما هم عليه، والواجب هجرهم حتَّى يعرف النَّاس شرهم ويبتعدوا عنهم؛ لأن الغالب أن المبتدع لا يقبل النصيحة، ولا يتوب إلى الله عز وجل لأنه يرى أن ما هو عليه هو الحق، يزينه له الشيطان، فقلّ أن يقبل النصيحة وقلّ أن يتوب، ولهذا جاء في الأثر أن البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية؛ لأن المبتدع لا يتوب عن بدعته، وأما العاصي فإنه يعلم أن ما فعله حرام، فيكون خَجِلاً، يوبخ نفسه ثم يتوب إلى الله عز وجل إنه قريب من التوبة، خلاف المبتدع فإنه يرى أن ما هو عليه هو الحق فلا يرجع عن بدعته، ويرى أن ما هو عليه مشروع.

والبدعة: هي إحداث شيء في الدين ليس منه على سبيل التقرب إلى الله عز وجل قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1]) وفي رواية «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]) وقال عليه الصلاة والسلام: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَبِسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ» ([3]).


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).

([2]) أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718). 

([3])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).