سئُل
مالك بن أنس الإمام رضي الله عنه فقيل: يا أبا عبد الله: ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] كيف
استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإِيمَان به واجب، والسؤال
عنه بدعة، ثم أمر بالرجل فأُخرج ([1]).
*****
أفهامهم. والواجب
عليهم أن يتهموا عقولهم وأفهامهم، ولا يتهموا الكتاب والسنة؛ لأن عقولهم وأفهامهم
هي محل الاتهام ومحل النقص، أما الكتاب والسنة فإنهما تنزيل من حكيم حميد ﴿لَّا يَأۡتِيهِ ٱلۡبَٰطِلُ
مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَلَا مِنۡ خَلۡفِهِۦۖ تَنزِيلٞ مِّنۡ حَكِيمٍ حَمِيدٖ﴾ [فصلت: 42]، فأي بيان وأي
دلالة وأي فصاحة أبلغ مما عليه الكتاب والسنة لو كانوا يعقلون؟!.فالواجب على العبد
أن يُسلِّم لكلام الله وكلام رسوله، وإذا أَشكَل عليه شيء فليتهم عقله ويتهم
فَهمه، ولا يتهم النُّصُوص بالتقصير أو بالغموض أو بغير ذلك من الاتهامات، ويقول:
إن القُرْآن والسنة ظواهر لفظية لا تفيد اليقين وإنما الذي يفيد اليقين القواعد
العقلية المنطقية - كما يقوله المنحرفون - فهذا انحراف عن الحق، وإذا لم تحصل
الهداية بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فبماذا تحصل؟!.
هذا الإمام مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، وهو أحد الأَئمَّة الأربعة هذا العالم الذي تُضرب إليه آباط الإبل في المدينة، عالم مشهور، الذي قيل فيه: لا يُفتى ومالك بالمدينة. لما سأله رجل وهو في الدرس، قال له: يا أبا عبد الله ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ﴾ [طه: 5] كيف استوى؟ فقال الإمام مالك رحمه الله: «الاستواء معلوم» وفي
([1]) أخرجه: اللالَكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة» (1/ 214).
الصفحة 1 / 304