×
شرح لُمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

فصل:في إثبات رؤية الله تعالى في الآخِرَة

*****

انتهى من الكلام على القُرْآن الذي هو من كلام الله سبحانه وتعالى، وانتقل إلى صفة من صفات الله عظيمة، وهي الرؤية، رؤية المُؤْمنِين لربهم يوم القِيَامة كما تواترت بذلك السنة على الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وما دل على ذلك القُرْآن الكريم، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿وُجُوهٞ يَوۡمَئِذٖ نَّاضِرَةٌ ٢٢ إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ [القِيَامة: 22، 23] ﴿نَاظِرَةٞ [القيامة: 22] الأولى بالضاد من النُّضرة، وهي: البهجة؛ فوجوه المُؤْمنِين يوم القِيَامة تكون نَضِرة مستنيرة بَهِجَة، وأما ﴿نَاظِرَةٞ الثانية فهي بالظاء المشالة أخت الطاء، من النظر، وقد عُدِّي بإلى، وإذا عُدِّي النظر بإلى فمعناه المعاينة بالأبصار: ﴿إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٞ أي: تنظُره يوم القِيَامة عيانًا، وهي: وجوه المُؤْمنِين النضِرة الحسنة تنظر إلى وجه ربها فيزيدها ذلك بهجة وجمالاً ونورًا وفرحًا وسرورًا، فالنظر إذا عدي بإلى فمعناه المعاينة بالأبصار، وإذا عدي بنفسه: ﴿ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ [الحديد: 13] فمعناه الانتظار، أي: انتظرونا، يقول المنَافِقُون للمُؤْمنِين يوم القِيَامة: انتظرونا نقتبس منكم؛ لأن المُؤْمنِين يعطَون نورًا يسعى بين أيديهم وبإِيمَانهم، والمنَافِقُون يعطون نورًا في أول الأمر ثم يطفأ - والعِيَاذ باللهِ - ويصيرون في ظلمة، وهم مأمورون بالسير، فيقولون للمُؤْمنِين: انظرونا، أي: انتظرونا حتَّى نقتبس من نوركم؛ لأنهم في ظلام دامس لا يدرون أين يذهبون ﴿يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ ١٣ يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ


الشرح