ونعلم
أن الله سبحانه وتعالى لا شبيه له ولا نظير: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].
*****
هذا هو اعتقاد أهل
الحق أن الله جل وعلا لا شبيه له ولا نظير، يعني: لا أحد يشبهه سبحانه وتعالى، والنظير:
هو المساوي للشيء، فلا أحد يساوي الله جل وعلا تقول: هذا نظير هذا، أي: هذا
مُعادِل لهذا ومساوٍ له، والله جل وعلا ليس له شبيه في ذاته ولا في أسمائه وصفاته،
ولا نظير له فيها، لا أحد يشاركه سبحانه فيما يستحقه من العبادة وصفات الكمال
ونعوت الجلال، وهذا فيه رد على المشبِّهة الذين غَلَوا في إثبات الأسماء
والصِّفَات حتَّى شبهوها بصفات المخلوقين، والأولون من المعطِّلة غَلَوا في
التنزيه حتَّى عطلوا الله جل وعلا من أسمائه وصفاته، فطائفة غلت في التنزيه وهم
المعطِّلة، وطائفة غلت في الإثبات وهم المشبِّهة، أما أهل السنة والجماعة فإنهم
وسط، لم يعطلوا أسماء الله، ونزهوا الله جل وعلا عن النقائص تنزيهًا بلا تعطيل،
وأثبتوا له الأسماء والصِّفَات إثباتًا بلا تشبيه ولا تمثيل، فتجنبوا غلو
الطائفتين، غلوّ المنزِّهة وغلو الممثِّلة والمشبِّهة، كلا الطائفتين غالى في
مذهبه، أما أهل السنة -والحمد لله- فهم المعتدلون وعلى مقتضى الكتاب والسنة، وهكذا
الحق دائمًا هو الوسط بين الضلالتين.
هذه الآية ميزان لأهل الحق ترد على المعطِّلة وترد على المشبِّهة، وتُثبت لله الأسماء والصِّفَات من غير تعطيل ومن غير تشبيه: ﴿لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ﴾ [الشورى: 11] هذا رد على المشبِّهة الذين غَلَوا في الإثبات، ﴿وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11]، هذا رد على المعطِّلة
الصفحة 1 / 304