وعذَاب
القَبْر ونعيمه حق،
****
لا يفرقون بين المتواترة
والآحاد، المدار على الصحة فقط، فإذا صح الحديث فإنه يجب اعتقاد ما دلّ عليه من
غير شكّ ولا ريب؛ لأنه كلام من لا ينطق عن الهوى، وقد صح سنده، فلم يبق عذر لترك
الإِيمَان به.
وكذلك من الأمور التي أَخبر
عنها الرَّسُول صلى الله عليه وسلم عذَاب القَبْر ونعيمه، تواترت الأحاديث في ذلك،
وأنكر المعتزلة عذَاب القَبْر ونعيم القَبْر؛ بِناءً على عقولهم الفاسدة، ويقولون:
إنا لا نشاهد في القَبْر شيئًا!
نقول لهم: هل الأمور مبنيّة
على مشاهدتكم، وعلى ما تُحِسّونه أنتم أم على قدرة الله جل وعلا ؟ ما لعقولكم ولا
لإحساسكم دخل في هذا، لقد أنكرت المعتزلة عذَاب القَبْر ونعيمه بِناء على عقولهم
الفاسدة.
وعذَاب القَبْر ثابت بالكتاب والسنة وبإجماع أهل السنة والجماعة، قال الله جل وعلا: ﴿وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ﴾ [السجدة: 21] قالوا: العذَاب الأدنى هو عذَاب القَبْر. أو هو ما يُصيبهم في الدُّنيَا من المحن والمصائب، العذَاب الأدنى قيل هو عذَاب القَبْر، وقيل: هو ما يُصيبهم في الدُّنيَا من المصائب والنكبات وتسلط المُسْلمِين عليهم بالقتل والسبي وغير ذلك. ولا مانعَ من إرادة الأمرين. وكذلك قوله تعالى في آل فرعون: ﴿ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ﴾ [غافر: 46] فقوله جل وعلا: ﴿ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ﴾ [غافر: 46] هذا في عذَاب القَبْر، ثم قال: ﴿وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ﴾ [غافر: 46]. فدلّ على أنّ عذَاب الغدو والعشي هذا في الدُّنيَا، وذلك في القَبْر، وإذا قامت السَّاعَة فإنهم
الصفحة 1 / 304